وأخذت حوران في العمران في القرن الثامن عشر فسكنها دروز لبنان، ذلك أن الشهابيين انتصروا على خصومهم اليمنيين عام ١٧١١ ثم هاجروا إليها، وكان على رأسهم أسرة حمدان التي استقرت في السويداء. وقد تكررت هذه الهجرات في القرن التاسع عشر عندما أخذت أحوال لبنان تزداد سوءًا بالنسبة للدروز. وكان الدروز من ناحية يعيشون في حوران عيشة مستقلة لا يؤدون الضرائب، وسرعان ما عمهم الرخاء لخصوبة أرض هذه البلاد. وانقرضت أسرة حمدان التي كانت حتى ذلك الحين في طليعة الأسرة الدرزية البارزة فحلت محلهم أسرة الأطرش. ثم إن الباب العالى قرر عام ١٨٥٢ إنفاذ حملة لإخضاع الدروز، ولكن هذه الحملة سحبت ثانيًا عند نشوب حرب القريم. وقد رأى مدحت باشا أن يتفق وديًا مع الدروز فاختار واحدًا من شيوخهم قائمقامًا على حوران وجعل مقره السويداء. وأفلح هذا القائمقام في إدارة هذا الإقليم على النمط التركى، وقد رضى الشيوخ عن ذلك رضاءً تامًا لأن الحكومة التركية كانت تشد أزرهم، إلا أن الفلاحين حنقوا أشد الحنق وانتفضوا على الحكومة فعادت الفوضى وعمت أرجاء حوران سريعًا بل أفلح الدروز عام ١٨٩٥ في محاضرة السكان المسلمين في قرية الحراك من أعمال النقرة، وكان هؤلاء قد احتموا بالمسجد وأجبروهم على التسليم وهدموا المسجد. واضطر الباب العالى مرة أخرى إلى التدخل، وحدثت حروب دموية لم تؤد إلى استقرار السلام في ربوع البلاد، واخيرًا تمكن عبد الله باشا بما اتخذه من إجراءات حاسمة من كسر شوكة الدروز وأقام الأمور في مجراها الحسن.
المصادر:
لقد ذكر Le Strange المصادر العربية القديمة في كتابه (١) Palestine under the Moslems، ص ٣٢ - ٣٤.
(٢) على جواد: ممالك عثمانية تاريخ جغرافيات لغات، ص ٣٥٠ وما بعدها.
(٣) ابن فضل الله: التعريف بالمصطلح الشريف، القاهرة ١٣١٢ هـ، ص ١١٧، وما بعدها.