تستعبدهم الحواس كما أنها لا تنفذ إلى تلك العقول المادية، ولا تؤثر في تلك الإرادات المتمردة، وأن الضرورة تحتم أن تلبس ثوب الرموز التي تقوم عليها الديانات المنزلة، ولذلك نبذ الفيلسوفان أولئك التعساء إلى غير رجعة وأوصياهم في إخلاص أن يتبعوا دين آبائهم؛ وعادا من بعد إلى الجزيرة المقفرة، ليعيشا حياتهما السامية القدسية الخالصة التي خص بها الأقلون" (Ibn Thofail، ص ٦٢ - ٦٣؛ ثمة ملخص آخر أكثر تفصيلا، ص ١٠١ - ١١٣). ويمثل حي ثم أسال، ثم الملك الطيب سلمان، الفلسفة والتوحيد، والإيمان الفطري (Ibn Rochd، ص ٢٠).
ويمكن أيضا تقسيم كتاب ابن طفيل بصورة أكثر منهجية وهو ما تقصاه حورانى (The principal: G.F. Hourani subject . . .، ص ٤٠) على النحو الآتى:
١ - مقدمة المؤلف, مصادر المعرفة في الفلسفة الصوفية، ٢ - : حي يرتقى وحده بلا عون من المعرفة في بداياتها الأولى إلى أسمى أحوال الصوفية ٣ - توافق فلسفة حي مع الدين الذي يزعم أسال أنه دين منزل ٤ - انجذاب معظم الناس لوجوه الدين الظاهرة ٥ - خاتمة المؤلف.
ويقول كوتييه Gauthier. إن المقصد الأكبر للرسالة هو إيضاح "التوافق بين الدين، وبخاصة دين الإسلام، وبين فلسفة الفلاسفة" (Ibn Thofail ص ٨٩، تكررت العبارة نفسها في ابن رشد ibn Rochd، ص ٢٠). ويبدو أن كل قاريء فسر الكتاب بطريقته الخاصة: فمونك Munk: يرى أنه رسالة مبسطة في الفلسفة الطبيعية، ويرى بوكوك Pocock: أنه تاريخ الفيلسوف المعلم نفسه، الذي ترتقى حياته سلم الرقى الممكن للعقل البشرى حتى منتهاه؛ ويرى رينان Renan: أنه باطنية صوفية (انظر Thofail Ibn ص ٦٤ - ٦٦) , ويرى مهرن Mehren: أنه يدلل على أن الحدس يمكن أن يقود الإنسان إلى التطور نفسه الذي تقوده إليه الحضارة الخ.
وقد عارض كوميز E. Garica Comez, تفسير كوتييه Gauthier الذي اكتشف قصة شعبية فيها جوانب تشبه رسالة ابن طفيل، وزعم أنه يجد فيها دليلا