بأرملته، فشكا الناس إلى الخليفة فعل خالد. ويروى أن خالدا اعتذر عن قتل مالك وسائر الأسرى بأنه كان نتيجة خطأ في الفهم، فقد أمر جنده أن يبذلوا لأسراهم من اللباس ما يستدفئون به قائلا "أدفئوا أسراكم" ففهم الأعراب أن المقصود بها "اقتلوا أسراكم"(١) ومهما يكن من شئ فقد قنع أبو بكر بلومه وأبقاه في منصبه على الرغم من شدة اعتراض عمر، وسرعان ما خرج خالد بعد ذلك لقتال مسيلمة الكذاب، فلحق به عند عقرباء على تخوم اليمامة وأوقع به الهزيمة وقتله وأتباعه، وكان ذلك في مستهل السنة الثانية عشرة للهجرة (بداية ٦٣٣ م) ثم نفذ بعد ذلك لقتال الفرس ففتح الحيرة في ربيع الأول من عام ١٢ هـ (مايو - يونية ٦٣٣) أو بعد ذلك بأشهر، ثم احتل الفرات بأسره. ويقال إن الروم عبروا الفرات آخر الأمر ولكنهم منوا بالهزيمة عند الفراض في ذي القعدة من عام ١٢ هـ (يناير ٦٣٤ م) ولم يخرج خالد لفتح الشام إلا في المحرم من العام التالى (مارس - أبريل ٦٣٤ م) أو ربيع الآخر (يونية) في قول روايات أخرى. وقد هزم الروم شر هزيمة في أجنادين فارتدوا إلى دمشق، وكان ذلك في جمادى الأولى أو الآخرة (صيف ٦٣٤) ثم دحرهم مرة أخرى وأحدق بهم وحاصرهم حتى سقطت دمشق في يده في شهر رجب عام ١٤ هـ (أغسطس - سبتمبر ٦٣٥). وقد عزل خالد حوالي هذا الوقت عن قيادة الجيش وأقيم مكانه أبو عبيدة بن الجراح ولكنه ثابر على فتح الشام، فكان على رأس الفرسان في وقعة اليرموك (١٢ رجب عام ١٥ هـ = ٢٠ أغسطس عام ٦٣٦ م) وإليه يرجع معظم الفضل في انتصار المسلمين، وبعد ذلك بقليل استعاد حمص ثم توجه إلى قنسرين وهزم جيشًا من الروم يقوده
(١) جاءت هذه الرواية في كتاب "الصديق أبو بكر" لهيكل باشا: تجرى رواية بأنه (أي خالد) أمر بحبس مالك وأصحابه حتى ينظر في أمرهم. وحبسوا في ليلة باردة جعلت تزداد بتقدم الليل بردا، وأخذت خالدا الشفقة بالقوم فأمر فنادى: "أدفئوا أسراكم" وكانت هذه العبارة في لغة كنانة معناها القتل. وكان الحراس من بنى كنانة. فما لبثوا حين سمعوها أن ظنوا أن خالدا أراد قتلهم فقتلوهم. وسمع خالد الضجة فخرج وقد فرغوا منهم فقال: أراد الله أمرا أصابه.