ما وصفها به فون كريمر ج ٢ ص ٩ وما بعدها) وأنشأ إسماعيل فيما بعد نظارات الداخلية والبحرية والمعارف العمومية (وكان يرأس هذه الأخيرة على باشا مبارك) والأشغال العمومية والتجارة (١٨٧٦) وعهد بالإدارة المركزية إلى "المجلس الخصوصى" أما إدارة الأوقاف فلم تكن في هذا الوقت قد تحولت إلى نظارة مستقلة. واستطاع هذا الخديو في أول حكمه أن يسيطر على دولاب الحكومة، ولكن نفوذ النظار أخذ يظهر بالتدريج، وبخاصة في أواخر حكمه حين أصبح ناظران من الأوربيين عضوين في وزارة نوبار باشا. وكان عدد من كبار الموظفين الأوربيين في خدمة الحكومة المصرية يشغل في الوقت نفسه مناصب كبيرة في المصالح الحكومية المختلفة. وكان الخديو قد أنشأ في سنة ١٨٦٦ هيئة نيابية (مجلسًا نيابيًا افتتح في الخامس والعشرين من نوفمبر سنة ١٨٦٦) تختار أعضاءه الهيئات النيابية المحلية، ولكن هذه الهيئة التي كانت بداية للحياة النيابية في مصر لم تكن تجتمع إلا مرة واحدة في كل عام، ولذلك لم يكن لها شأن كبير في تسيير أعمال الحكومة، ولم تصبح برلمانًا بالمعنى الصحيح فيه "حزب معارض" للحكومة إلا بعد عام ١٨٧٩.
على أن الحكم النيابى الذي أقامه إسماعيل في عام ١٨٧٨ حين أعلن أنه من ذلك التاريخ سيحكم البلاد على يد وزارة مسئولة لم يدم طويلا وكان يرجى بعد خلعه أن يستطيع الخديو توفيق -وقد منح البلاد دستورًا في ٧ فبراير سنة ١٨٨٢ - العمل بالاتفاق مع البرلمان الذي أنشأه وقتئذ، ولكن الثورة العرابية بددت هذه الآمال، وتدخلت إنكلترة في أعمال الحكومة بعد أن احتلت البلاد، فأرسلت اللورد دفرين على رأس بعثة لوضع نظام حكومتها، وقدمت هذه البعثة تقريرها في شهر فبراير من عام ١٨٨٣. وأعقب ذلك صدور قانون نظامى جديد في شهر مايو من السنة نفسها، وقد أعاد هذا القانون السلطة التشريعية بأكملها إلى الخديوى، وأنشأ مجلسًا تشريعيًا من ثلاثين عضوا -مجلس شورى القوانين