"الخولة" و"الصيارفة" فكانوا كلهم من الأقباط، وكان معظم من عداهم من المصريين المسلمين. ولما ضعفت السلطة المركزية في عهد الواليين اللذين خلفا محمد على بدأ الفساد يدب في الإدارة الإقليمية. وجاء إسماعيل فقسم البلاد من جديد ثلاثة أقسام كبرى: القسم "البحرى" ويشمل مديريات البحيرة والجيزة والقليوبية والشرقية والمنوفية والغربية والدقهلية، والقسم "الوسطانى" ويضم مديريات بنى سويف والفيوم والمنيا؛ و"الصعيد"(انظر فيما بعد) ويضم مديريات أسيوط وجرجا وقنا وإسنا، هذا عدا المحافظات، وهي القاهرة والإسكندرية ودمياط ورشيد والعريش وبورسعيد والسويس وسواكن. وبقيت الأقسام الصغرى كما هي، إلا أنه وضع على رأس كل ناحية "عمدة" يساعده في القيام بأعماله "شيخ البلد" وكلاهما يختاره الأهالى. وألغى في الوقت نفسه منصب الخولى على أثر ما منح للهيئات التمثيلية الإقليمية من استقلال بشئونها الزراعية (انظر القسم ٣ من هذا المقال) وأنشئت في كل مركز وفي كل مديرية هيئة من هذه "الهيئات النيابية" تتألف من الأعيان، وعلى نمط هذه الهيئات أنشئ المجلس النيابى السالف الذكر في مدينة القاهرة. وكان من التغييرات التي لا تقل عن هذا التقسيم خطرًا اختيار المديرين من أبناء البلاد بدل اختيارهم من الأتراك. وكان لابد من أن يمضى بعض الوقت حتى يعتاد المصريون إطاعة كبار الموظفين الذين اختيروا من بينهم، ولا تزال المعالم الرئيسية في هذا النظام الإداري السالف الذكر قائمة في البلاد إلى وقتنا الحاضر.
وكان النظام الإدارى في الوقت الذي نتحدث عنه كما كان في العهود السابقة وثيق الارتباط بنظام امتلاك الأراضى الزراعية. فقد ألغى محمد على الملكية الزراعية الكاملة إلغاء تامًا تقريبًا، ثم قسم جميع الأراضى الصالحة للزراعة بين الفلاحين بوساطة مصلحة الرزنامة (فأعطى كلا منهم ما بين ثلاثة أفدنة وخمسة) وكل ما كان لهم من الحقوق على هذه الأرض هو حق الانتفاع بها دون التصرف فيها بحال من الأحوال،