القناصل القضائية على المنازعات التي تقوم بين الأجانب المنتمين إلى جنسية واحدة وعلى الجرائم التي يرتكبها رعايا دولة القنصل نفسه. وكان قانون إنشاء المحاكم المختلطة ينص على أن يعد قضاتها موظفين تابعين للحكومة المصرية، ولكنهم أصبحوا في الواقع أشبه بسلطة أجنبية مستقلة في داخل الحكومة المصرية، لأنهم كانوا من رعايا الحكومات الغربية المتمتعين بالامتيازات الأجنبية ولأنه كان من حق هذه المحاكم أن تصدر الأحكام على الحكومة المصرية نفسها. وكان وجودهم بهذه الصورة دليلًا واضحًا على الصبغة الأوربية التي اصطبغت بها مصر. وكان لابد من التغلب على معارضة الباب العالى القوية في إنشاء هذه المحاكم، ذلك أن تركيا لم تكن ترغب في أن ترى هذه الهيئة القضائية المستقلة قائمة في إحدى الولايات التابعة لها. على أن السلطان وافق آخر الأمر على إنشائها بفرمانه الصادر في عام ١٨٧٢ (انظر نرادوغيان جـ ٣، ص ٣٤٠) , وبعد سبع سنين من إنشائها أنشئت أيضًا محاكم أهلية جديدة على النمط نفسه، وعهد إليها بالحقوق القضائية التي كان يمارسها ولاة الأمور الإداريون ودواوينهم. ولا يكاد يوجد في الوقت الحاضر فرق بين القوانين التي تطبقها هاتان الهيئتان القضائيتان، ومعظمها مستمد من القانون الفرنسى. وقد نشر القانون الأهلى الجديد في عام ١٨٨٣ (كما نشر قانون العقوبات وقانون المرافعات الجنائى من جديد في عام ١٩٠٤) , ويمكن الاطلاع على قانون العقوبات الذي كان متبعًا في أيام سعيد باشا وما كان فيه من الاضطراب في الصفحات من ٥٢ إلى ٦٦ من الجزء الثاني من كتاب فون كرامر. واحتفظت المحاكم الشرعية التي تحكم على أساس المذهب الحنفي بحقها في الفصل في قضايا الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين. وقد نظمت هذه المحاكم تنظيما جديدًا بمقتضى الأمر العالى الصادر في عام ١٨٧٩ (وأعيد تنظيمها مرة أخرى في سنتى ١٩٠٩ , ١٩١٠). وقد جمعت أيضًا النصوص المتعلقة بالزواج والوصاية على القصر وعديمى الأهلية والوراثة حسب أصول المذهب الحنفي في صورة مواد ليستعين بها