المقيمون في الإسكندرية نشاطًا تجاريًا عظيمًا. ويرى الإنسان الطبقات الدنيا منهم منتشرة في كل ناحية من نواحى القطر المصرى يتجرون في البقالة ويعملون في بعض الأحيان مرابين. وهم في مصر كما في غيرها من بلاد الدولة التركية القديمة يحتفظون "بطابعهم الخاص" في المدنية الغربية.
واليهود في مصر طائفة بين الوطنيين والأجانب، وكانت عدتهم في أواخر القرن الماضى حوالي ٣٠.٠٠٠، وكلهم تقريبًا يعيشون في القاهرة والإسكندرية، ويشتغل معظمهم بالأعمال المصرفية. وقد كان لهم -كما كان للسوريين- أثر في الحركة الوطنية الأولى التي قامت سنة ١٨٧٧, ومن هؤلاء جيمس سنوا James sanus الذي سمى نفسه "أبو نظارة" وأنشأ أول مسرح عربي في القاهرة. ثم أصدر في عام ١٨٧٧ صحيفة باللغة العربية الدارجة انتقد فيها أعمال الخديو. ثم خرج بعد ذلك من مصر (انظر كتاب صبرى La Genése etc ص ١٢٧) وكانت توجد في القاهرة مدارس لليهود أنشئت أولاها سنة ١٨٤٠.
ولم تكن الزيادة المطردة في عدد الأوربيين في مصر سببا من أسباب اصطباغها بالصبغة الأوربية بل كانت نتيجة من نتائجها. وفي مصر طائفة من الأوربيين لا يعدون أجانب إلا بجوازات سفرهم وحدها، وهؤلاء من أهالى شرق البحر المتوسط. وقد أثروا بفضل الحصانة التي يتمتعون بها بسبب الامتيازات الأجنبية أما الأوربيون الذين عملوا في الحكومة المصرية لتنفيذ الإصلاحات والأعمال الفنية فينتمون إلى أمم مختلفة، فمنهم الفرنسيون (ده سيف أو سليمان باشا الذي أنشأ جيش محمد على النظامى، وكلوت بك الذي نظم مدرسة الطب، وفردنند ده لسبس وغيرهم) ومنهم أبناء سويسرا (أمثال دوربك Dorbey وميزنجر Munzinger) ومنهم النمساويون (أمثال سلاطين باشا في السودان، وبلوم باشا المستشار المالى في عهد إسماعيل) ومنهم الإنجليز