للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الآثار العربية الدينية الإسلامية فإن ما كان منها حلقة في سلسلة السنن الدينية القديمة التي ظهرت في القرون الماضية لم يشتهر منه إلا عدد قليل جدا من الكتاب عاشوا كلهم في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأشهر هؤلاء وأوسعهم شهرة الشيخ الباجورى (المتوفي سنة ١٨٦١) , على أن ثمت فرعا من الآثار الإسلامية له شأن عظيم هو كتابات الشيخ محمد عبده ومدرسته، فقد أوجد بكتاباته حركة تجديد دينية في الإسلام. نعم إنه هو وأتباعه كانوا يسيرون في بحثهم على نمط البحث العلمى الإسلامى في الزمن القديم، ولكنهم مع ذلك كانوا يفسرون النصوص الدينية تفسيرا حرا مستقلا، ويحاولون أن يثبتوا أن الإسلام لا يزال دينا عالميا حيا لا يتعارض في شئ مع المدنية الحديثة، وقد نشر عدد كبير من مقالات الشيخ محمد عبده في مجلة المنار (التي بدأ السيد رشيد رضا -وهو رجل سورى الأصل- في إصدارها في عام ١٨٩٧). ولا جدال في أن هذه الآراء الجديدة -التي يسميها جولدسيهر Kul- turwahhabitismus- قد نشأت بتأثير الحضارة الحديثة، ولكننا لا يسعنا مع ذلك أن نقول إنها هي نفسها خضعت لسلطان التفكير الغربى، وقد لقيت مقاومة شديدة من دوائر الأزهر المحافظة التي كانت تعبر عنها صحيفة "الأفلاك".

ولم تتحول لغة الشعر (بوصفه صورة من الأدب) عن اللغة العربية الفصحى. وقد ذاعت شهرة بعض الشعراء في أثناء حياتهم (ومنهم الشيخ محمد شهاب الدين الذي عاش بين عامى ١٧٨٧ , ١٨٥٨ , انظر جـ ٢، من كتاب فون كرامر ص ٢٩٤) فإن مصر الحديثة على ما يظهر لم تخرج شاعرا عظيما تعترف له بهذه العظمة جميع الأقطار العربية (١).

أما الفروع الأخرى من الأدب فقد تخلت شيئا فشيئا وبخطى مختلفة


(١) قد حدث أنه في سنة ١٩٢٧ أن اعترفت جميع الأقطار العربية بزعامة المرحوم أحمد شوقى وبايعه شعراؤها في حفل عظيم في القاهرة.
مهدي علام