للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبد الحق بن عبد العزيز بن خراسان لولاية هذا المنصب، وهو رجل تقول بعض الروايات إنه خرج من تونس، وإن كان ابن خلدون يقول إنه ينتسب إلى قبيلة صنهاجية. واستمال عبد الحق الأهالى بحسن إدارته لأمورهم، وأفلح في القضاء على أعمال السلب التي يقوم بها العرب بأن عقد معهم حلفًا، ولكنه اضطر إلى محاربة بنى زيرى الذين أرادوا استرجاع تونس. وقد حاصره تميم بن المعز فاضطر إلى الاعتراف به سلطانًا. وانتقلت السلطة بعد وفاة عبد الحق (٤٨٨ هـ = ١٠٩٥ م) إلى ابنه عبد العزيز ثم إلى حفيده أحمد. وكان هذا الأمير كما يقول ابن خلدون أشهر من مثَّل أهل بيته، فقد قتل عمه إسماعيل وتخلص من مجلس الشيوخ الذي كان يشركه عبد الحق في الحكم، ثم حكم البلاد حكمًا مطلقًا، وأحاط تونس بأسوار محصنة، وأبرم معاهدة مع العرب ليضمن تموين المدينة وحماية المسافرين، وابتنى لنفسه قصرًا، وجمع حوله رجال الأدب. على أن بنى زيرى لم يلقوا السلاح، ذلك أنهم شدوا من أزر محرز بن زياد زعيم العرب الذين استقروا في خرائب قرطاجنة وكان أحمد قد هاجمها وأجبر والى تونس على أن يخضع لمطالبهم (٥١٠ هـ = ١١١٦ - ١١١٧ م). وبعد ذلك بأربعة أعوام أقبل بنو حماد بدورهم لحصار تونس مدفوعين إلى ذلك بنفورهم من انتقاص سلطانهم لصالح بنى زيرى واضطر أحمد إلى الاعتراف بسيادة سلطان بجاية، وبقى بالرغم من ذلك في الحكم حتى عام ٥٢٢ هـ (١١٢٨ م) وجرد حينذاك من سلطانه وسجن في بجاية وولى مكانه عامل حمادى. وبعد ذلك بعشرين سنة كان التونسيون قد طردوا واليهم فاستعاد بنو خراسان سلطانهم. واختير عبد الله بن عبد العزيز أميرًا عليهم (٥٤٣ هـ = ١١٤٨ - ١١٤٩ م) وتوفي عبد الله عام ٥٥٢ هـ (١١٥٧ م) على حين كان الموحدون يحاصرون المدينة. وقد ولى مكانه ابن أخيه على بن أحمد، ولكنه اضطر إلى التسليم بعد خمسة أشهر وخضع لعبد المؤمن فأرسل هو وأفراد أسرته إلى مراكش وتوفي وهو في الطريق إليها.