وقد اتخذ المصريون مدينة الخرطوم قاعدة لهم لوقوعها عند ملتقى الطريقين المائيين الرئيسيين، وأصبحت عاصمة للبلاد عام ١٨٢٣، ولكن لم يبدأ تشييد مبانيها بالآجر إلا عام ١٨٣٩. والخرطوم مقر الحكومة ومركز النشاط التجارى، ومن ثم أصبحت أيضًا مركزا لتجارة الرقيق.
وغادر السير صمويل بيكر مدينة الخرطوم عام ١٨٦٢ للكشف عن منابع النيل، ثم في عام ١٨٧٠ صوب الجنوب للقضاء على تجارة الرقيق بدافع من ضغط الدول الأوربية على مصر في هذا الشأن، ولفتح الأقاليم التي في الجنوب ووصل الجنرال غوردون إلى الخرطوم أيضًا في فبراير عام ١٨٧٤ عندما اختير حاكمًا عامًا للأقاليم الاستوائية، ولكنه تخلى عن هذا المنصب في أكتوبر عام ١٨٧٦. ثم عاد في فبراير عام ١٨٧٧ وهو كاره أشد الكره أن يشغل منصب الحاكم العام للسودان، ولكنه استقال من منصبه في ديسمبر عام ١٨٧٩ بعد أن يأس من إدخال أي اصلاح في إدارة البلاد. ولما شبت ثورة المهدى عاد غوردون مرة ثانية في فبراير عام ١٨٨٤ ليشغل منصب الحاكم العام، واشترك اشتراكًا فعالا في الدفاع عن الخرطوم ضد الدراويش، وقد لقى حتفه في ذلك القتال على سلالم قصره في السادس والعشرين من يناير سنة ١٨٨٥؛ ولم تصل النجدة البريطانية إلا بعد ذلك بيومين فلم يستعن بها في شئ. وتخلى الدراويش عن الخرطوم ليستطيعوا الاحتفاظ بأم درمان فاستردتها الجيوش البريطانية والمصرية بقيادة اللورد كتشنر بعد إنهزام الدراويش. وقد بدئ في الحال بإعادة تشييد مدينة الخرطوم عقب إعادة فتح السودان، فأنشئ قصر جديد من ثلاث طبقات على أسس القصر القديم ولا تزال في الحدائق الفسيحة القائمة هنالك شجرة ورد مزدهرة تعرف باسم شجرة ورد غوردون نسبة إلى غارسها. وأعيد بناء مدينة الخرطوم وفق الخطة التي وضعها اللورد كتشنر وراعى فيها تقدم المدينة ونموها في