الحوافي في الصلصال الرطب بالإبهام، وزينت بقوالب صلصالية، ونقشت عليها أشكال -بأسنان مشط مثلا- ورسوم مخرقة، ومصبوبات بارزة على هيئة نسور وطيور متقابلات وحيوان، وفي نهايتها نقش بارز منخفض طبع في قوالب مجوفة أو صب من أنبوبة (وهو المسمى بالصناعة البربوتينية Barbotine work (١)(لوحة ١، شكل ٥) ووجد الشغف بالإبداع الفنى تعبيرًا خاصًا في ضرب من المرشحات (gargoulette) كان يثبت على جانب الإبريق تحت شفته. وكانت تصنع إلى جانب جرار الماء الكبار، صنابير النافورات من الفخار المحروق، على هيئة رءوس الحيوان. وفي العصور الوسطى المتأخرة كانت القنابل اليدوية تصنع من الفخار كذلك.
الفخار المزجج: أما الفخار المزجج في صدر القرون الوسطى فقد كشفت عنه البحوث الأثرية التي أشرف عليها ف. سار F. Sarre وهرزفلد E. Herzfeld في سامراء (على دجلة شمالى بغداد) التي كانت مقر الخليفة من عام ٨٣٨ - ٨٨٣ م. والأدوات الإسلامية التي كشف عنها هناك مقصورة على تلك الحقبة، ولذلك يمكن تأريخها، فقد وجدت في تلك البقعة صحاف ذوات أرجل، كل صفحة قطعة واحدة، ويذكرنا زخرفها بصياغة الفضة، وهي مماثلة يقويها لمعان الزجاج ببريق الذهب (لوحة ١، شكل ٩) فقد حرم الدين الإسلامى حيازة هذه الأوانى والزهريات والصحاف المصنوعة من الفضة أو المصوغة أو المغشاة بالذهب أحيانًا، وهي التي كانت على طراز الفن الساسانى في الصياغة، وكان لا يزال وقتذاك حيا، وربما كان تعليل وجود هذا الخزف أن أدوات الترف هذه التي صاغها الساسانيون من الفضة قد حوكيت في الخزف. وسرعان ما انقرض هذا الضرب من الخزف وحل غيره محله، فعدل عن المواد المصنوعة التي كانت تراث إحساس العالم القديم بجمال الشكل -وهو ما أنكره المسلمون- واصطنعت الألوان التي نقشت على
(١) بربوتين Barbotine اصطلاح في صناعة الخزف يطلق على عجينة الصلصال التي تستعمل في النقوش البارزة على الفخار الغفل.