والتزجيج المنقور بألوان شتى (أخضر النحاس وأزرق الكوبالت والمنجنيز) يقطع بالأثر الجلى للأفكار الفارسية، ففيه موضوع الصيد المشهور في الفن الساسانى في صورة الصياد والكلب , والتنين والسباع والعنقاء (لوحة ٢، شكل ٢). واتخذت جميعها طرازًا خاصًا بها، وذلك بتأثير الإتجاه الإسلامي والديني الذي كان يعارض التصوير الحى والرمز، ولم يأخذ الفرس به إلا بعد لأي. ومن ثم نجد أصداء ديانة زرادشت كمعابد النار والديكة (لوحة ١، شكل ١٢؛ لوحة ٢، شكل ١)، وكان لها شأنها بوصفها بشائر بزوغ فجر هذا الفن. أما كلمة كبرى فقد كانت في الأصل اصطلاحا على عبَّاد النار ولعلها نقلت بفضل أولئك الخزاف الذين أظهروا تشبثهم بعقيدتهم القديمة في صناعتهم.
وقد ألقت الآثار التي عثر عليها في الرى (Rhages) بالقرب من طهران قدرًا كبيرًا من الضوء على الخزف الفارسي في العصور الوسطى. فإن الصحاف والزهريات والقدور والأقداح من أزرق الكوبالت وأخضر الفيروز تماثل من نواح كثيرة صياغة المعادن، كما أنها فيما يبدو توافق تمام الموافقة صناعة الخزف، ذلك بأن مواد التزجيج الغروى كانت تستعمل استعمالا عظيم الجدوى. وهذا النوع، وهو خير ما يشهد بعمل النحات يزخرف عادة في نقش بارز جد منخفض (لوحة ٢، شكل ٣، ٤).
وتوجد صناعة خزفية جميلة بنوع خاص في الصحاف والأقداح والتزجيج الأبيض المائل إلى الصفرة، وهي في أصلها عبارة عن محاكاة للخزف الصينى. وقد بلغت صناعة الطلاء في الرى أوجها فغذيت أحيانًا بتزجيج أزرق الكوبالت (لوحة ٢ شكل ٥، ٧). وتدلنا المواد المصنوعة على تنوع عظيم في الشكل والزخرف، إذ توجد منها ضروب جد منوعة من الصحاف العميقة والمفلطحة، والصحون والجفان والزهريات الأسطوانية، والقدور والأباريق الصغيرة ذوات الصنبور، والقنانى ذوات الأجسام الكروية والأعناق الضيقة، والأباريق التي على هيئة الحيوان (لوحة ٢، شكل ٤). واتخذ فن الزخرف العربي (أرابسك)