يتوسل بالقالب الشعرى، في حين يعبر الخطيب عن نفسه بالنثر، وكثيرا ما استعمل الأسجاع (انظر الجاحظ: المصدر السابق جـ ١، ص ١٥٩) وتبدأ خطبته بعبارة "أما بعد"(الحريرى، طبعة ده ساسى ١٨٢٢, ص ٤٢) ويقول الجاحظ إن من الخطباء من يكون شاعرًا (جـ ١، ص ٢٧) ويروى أن الشاعر في الجاهلية كان يقدم على الخطيب، فلما كثر الشعراء واتخذوا الشعر مكسبة ورحلوا إلى السوقة صار الخطيب عندهم فوق الشاعر (جـ ١، ص ١٣٦؛ جـ ٣، ص ٢٢٧) ويقرن الخطيب مع القاص، وأصحاب الأخبار والآثار أيضا (الجاحظ، جـ ١ ص ١٦٧ وما بعدها وفي مواضع أخرى) وكانت الخطابة وراثة في البيت الواحد أحيانا. ولم يؤلف الخطباء فيما بينهم نقابة أو طبقة، ولكنهم كانوا الرجال ذوى الاقتدار على التحدث عن الجماعة، لا يترأسون الوفود عن قبائلهم فحسب، كما ندرك ذلك من السيرة (انظر Abhandl. Zur: Goldziher arab. Philol جـ ١، ص ٢٠) ولكنهم كانوا أيضا أمراء المفاخرة، شأنهم في ذلك شأن الشعراء. ويشترط في الخطيب أن يكون مقتدرا على الإشادة بمفاخر قبيلته ومحامدها في لغة صحيحة، وأن يكون مقتدرًا في الوقت نفسه على تبيان مثالب عدوه، ومن ثم وجب عليه أن يكون لسنًا، يعرف كيف يستخدم البلاغة ليقهر بها عدوه (انظر المفضليات طبعة ليال، ٩١، ص ٢٢ وما بعدها، ٩٦، ص ٩، القطامى، طبعة بارت جـ ١٤، ص ٢٠؛ ابن قيس الرقيات، رودوكاناكس، S.B. Ak. Wien ١٩٠٢؛ ٤٤، ص ١٩؛ الكامل، طبعة رأيت، ٢٠، س ١٥ وما بعده) وتزودنا الأهاجى بصفات الخطيب العيى: كان إذا تكلم يتمطق (١) ويتلفت عن يمين وعن شمال ويتلجلج ويتنحنح ويمس لحيته ويفتل إصبعه، وهذه كلها من علائم الجبن (الحماسة، طبعة فريتاج، ص ٦٥٠ بيت ٥؛ الكامل، طبعة رايت، ص ٢٠، س ٩.٧ وما بعده) ويسلك الخطيب مع الفرسان والأشراف، وهذا يساير
(١) التمطق: تذوق الشيء بضم إحدى الشفتين على الأخرى مع صوت بينهما.