ورود هذه الآبار، ثم انقضوا عليهم وأعملوا فيهم القتل وأسروا من نجا منهم من الموت. وقد شجعهم ذلك على المطالبة بالأراضي التي إلى اليمين من نهر الفرات، وكانت في أيدى العقيليين، وساروا تحت زعامة سلطان وعلوان ورجب أبناء ثمال نحو الأنبار مخربين كافة البقاع المجاورة لها ثم حاصروا المدينة. وأنفذت بغداد جيشا لمحاربتهم، وتمكن هذا الجيش بمعاونة العقيليين من إجلائهم عن البلاد وأسر سلطان، ثم استشفع له أبو الحسن بن مزيد الأسدى فأطلق سراحه. وما إن تخلص من الأسر حتى وصلت الأخبار في العام التالي (٤٠٣) إلى بغداد منبئة بأن بني خفاجة ينهبون البلاد المحيطة بالكوفة تحت زعامة سلطان. فأنفذ جيش لقتالهم بمعاونة أبي الحسن بن مزيد وباغتهم هذا الجيش عند نهر الرمان ففر سلطان ولكن أخاه محمدا وقع في الأسر، وكان من آثار هذه الهزيمة أن أطلق سراح عدد كبير من الحجاج الذين كانوا قد أسروا في عام ٤٠٣، ثم رجع هؤلاء الحجاج إلى بغداد، وكان الظن أنهم لاقوا حتفهم. وقد حدث في ذلك الوقت أن أسر الأمير قرواش العقيلي ثم أطلق سراحه، فأخذ يسعى إلى التحالف مع خفاجة، وحاول أن ينضم إلى سلطان بن ثمال فلما تم له ذلك هاجمهما الجنود الذين أنفذوا من بغداد واستأصلوا شأفتهما، ثم طلب الأميران العفو، والعجيب أنهما أجيبا إلى طلبهما عن طيب خاطر، فأدى ذلك إلى استتباب السلام بعض الشئ سنوات قلائل، ولكن دبيس بن علي بن مزيد الأسدى، وأبا الفتيان منيع بن حسان الذي كان في ذلك الوقت زعيم خفاجة، شنا في عام ٤١٧ هـ (١٠٢٦ م) غارة سلب ونهب على البلاد التي كانت في حوزة قرواش في السواد، يشد أزرهما جند من بغداد. والتقيا وفر قرواش بالقرب من الكوفة، وكان قد أقام نفسه سيدا عليها، وقرواش ناحية الشمال فتعقبته قبيلتا أسد وخفاجة المتحالفتان، وكانتا قد استولتا على الأنبار فعلا, ولكنهما تفرقتا بعد هذا النجاح إلى الأحياء التي يطيب فيها المرعى، ثم خرج منيع بن حسان هو وأتباعه إلى الجامعين، وهو موضع بين بغداد والكوفة كان في حوزة دبيس بن