وذلك على عكس الطريقة التي كانت مألوفة إلى ذلك الوقت عند أصحاب الحوليات من الترك الذين لم يخرجوا في تأليفهم عن المصادر والشئون التركية دون غيرها. وقد كان خير الله في الواقع أول كاتب نجح إلى حد ما في كتابة تاريخ شامل للعالم "تاريخ عمومى". وكان معظم اعتماده على المصادر الفرنسية مع استثناء كتاب Geschichte des: Von Hammer Purgstall osmanischen Reiches ويتبين لنا ذلك مما عمد إليه من كتابة الأعلام الأجنبية بحسب نطقها الفرنسى وقد كان في الوقت نفسه يعتمد على المصادر التركية التي لم تكن بعد قد استقلت تماما.
وقد خص مجلدًا من كتابه بالمقدمة وبالتاريخ المتقدم للدولة العثمانية وهو العهد السابق على حكم عثمان الأول. ووضعت خطة الكتاب بحيث يستغرق عهد كل سلطان من سلاطين آل عثمان مجلدًا من مجلداته. وقد عرض في الوقت نفسه للحكام المسلمين والنصارى المعاصرين ثم هو يتناول بعد ذلك مادة الكتاب متوخيا الفائدة من غير اعتبار لسرد الأخبار. ولغة خير الله بسيطة واضحة سهلة الفهم إذا قسناها بلغة المؤرخين المتقدمين الطنانة، ويمتاز تاريخه أيضا على تواريخ من تقدموه ببعده عن المحاباة والبغض الأعمى للثقافة غير الإسلامية ولكل ما يخرج عن نطاق الإسلام.
وقد ظهر من هذا التاريخ خمسة عشر مجلدا فقط (١٢٧١ - ١٢٨١ هـ = ١٨٥٣ - ١٨٦٤ م) وهي تبدأ بعهد عثمان الأول وتنتهي بعهد أحمد الأول (١٦٠٣ - ١٦١٧ م)، ثم توفي المؤرخ بعد ذلك، فحاول على شوكت المفتش في "ديوان أحكام عدلية" أن يتم الكتاب الذي لم يستطع خير الله أن ينجز إلا بعضه بعد مشقة. ولم يظهر بعد ذلك إلا ثلاثة مجلدات أخرى، من المجلد السادس عشر إلى الثامن عشر (١٢٨٩ - ١٢٩٢ هـ = ١٨٧٢ - ١٨٧٥ م) وصلت بهذا التاريخ إلى عهد السلطان إبراهيم (١٦٣٩ - ١٦٤٨ م)،