الآستانة، وكانت له فيها ثروة هائلة من بينها عدة قصور على البوسفور. وتوفي خير الدين بربروسه في ٤ يولية عام ١٥٤٦ بالغا من العمر ثلاثة وستين عاما، ودفن في المسجد الذي ابتناه في بيوك دوره. وأمر في وصيته بتحرير جميع العبيد الذين كانت سنهم دون الخامسة عشرة، وترك الباقي وعدهم ثمانمائة للسلطان، كما ترك له ثلاثين سفينة مسلحة. وقسمت ثروته الباقية بين ابن عمه وولده حسن، وكانت أمه امرأة من عرب المغرب. وقد ولى حسن هذا على الجزائر في ثلاث مناسبات مختلفة ولم يكن بربروسه قرصانا ناجحا وجنديا ماهرا فحسب، بل كانت له بعض صفات الرجل السياسى، فقد كان عزمه لا يلين، وبذلك استطاع أن يتخطى أعظم الصعاب التي صادفته. كانت له حاسة دقيقة جدا عرف بها الظروف التي يعتمد عليها في إقامة دولة في بلاد البربر وطيدة الأركان. فقد أدرك أن الحكم التركى مقصور على الشاطئ، ومن ثم فهو خليق بطبيعة الحال أن يكون مقلقلا غير ثابت؛ لذلك حاول أن يجعل نفسه صاحب الكلمة العليا داخل البلاد.
وكان بربروسه يطمح إلى جمع شمال إفريقية كله في دولة واحدة يكون هو صاحب الأمر فيها. وإذا كانت الظروف لم تتح له أن يحقق هذا الغرض فإنه قد استطاع على أقل تقدير أن يتم العمل الذي بدأه عَروج. ويمكننا أن نعد بربروسه، إلى جانب ذلك، المؤسس الحقيقي لولاية الجزائر.
المصادر:
(١) حاجي خليفة: تحفة الكبار في أسفار البحار، الآستانة عام ١١٤١، ص ١٥ - ٢٧، وقد ترجم بعض هذا الكتاب J. Mitchell: The History of the Maritime Wars of the Turks لندن ١٨٣١, ص ٢٨ - ٦٩.
(٢): Haedo Topografia e Historia general de Argel, طبع في بلد الوليد سنة ١٦١٢ وترجمه إلى الفرنسية Monnereau, Berbrugger في Rev. Africaune جـ ١٤, ١٥.
(٣) المؤلف نفسه: Epitome de los reyes de Argel وترجمه إلى الفرنسية H.