مبنية بالحجر على الطراز المغربى، وإن كانت نوافذها تفتح إلى الخارج، وتخترقها طرق متسعة غير منتظمة؛ والملاح أو حي اليهود؛ والتناكر وهي حي دوره أكواخ من الطين والقصب.
ومسلمو الدار البيضاء يجلّون إجلالا خاصا سيدى أبي الليوث [بليوت] ويعدونه ولى المدينة. والظاهر أن طريقة هذا الولى قد انتشرت بصفة خاصة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، ويقال إنه كان يستطيع الظهور في كل مكان وإخضاع الوحوش، ويذهب دوتيه (Doutte في كتابه Merakech ص ١٥، باريس ١٩٠٥) إلى أن اسمه تحريف للاسم العربي أبي الليوث. ويوصف الماء الذي يسقط في قبته بأنه يرغم كل من يغادر الدار البيضاء إلى العودة إليها.
وتقوم الدار البيضاء في مكان "أنفا" وهي إنافة التي ذكرها مادمول Madmol. وكان هذا المكان موضعًا زاهرًا في القرون الوسطى. وقد ذكره الإدريسى، فقال إنه ميناء تقصد إليه التجارة للتزود بالقمح والشعير (الإدريسى، طبعة ده غوى، ص ٨٤) ويذهب الحسن بن محمد الوزان الزياتى leo Africanus إلي أن "أنفا" كانت مدينة غنية عامرة، مبانيها جميلة. وكانت بعض آثارها باقية في أيامه حيث كان يلقى فيها العلم ويبجله أهلها تبجيلا. وفي القرن الخامس عشر تنازع "أنفا" أمراء بنى مرين أصحاب "فاس" وسلاطين مراكش، ولكن يظهر أنها استطاعت الاحتفاظ باستقلالها. وكان من شأن غارات القراصنة من سكانها على سواحل الأسبان والبرتغال أن هب النصارى يثأرون لأنفسهم، فتعرضت المدينة لهجماتهم. ذلك أن البرتغال أنفذوا إلى "أنفا" أسطولا عدته ٥٠ سفينة عام ١٤٥٨. فلما اقترب هذا الأسطول من المدينة شعر سكانها بعجزهم عن ملاقاته، فهجروها، فدخلها المسيحيون بلا عناء وخربوها عن آخرها.