الأكبر من هاتين السنتين في الدرس والتحصيل، ثم عدت إلى قرطبة في ذي القعدة من ٣٩٩ هـ (أغسطس عام ١٠٠٩).
وأراد الداني يخلص من الفتنة التي نشبت في تلك المدينة فانتقل إلى المرية ثم إلى دانية، وأقام فيها إلى أن مات في الرابع عشر من شوال عام ٤٤٤ هـ (٨ فبراير عام ١٠٥٣ م) ودفن في مشهد عظيم سار الأمير نفسه في مقدمته.
وكان من الشيوخ الذين تخرج عليهم في قرطبة واستجة وبجانة وسرقسطة والقيروان والقاهرة ومكة والمدينة: أبو المطرف عبد الرحمن بن عثمان القشيرى، وأبو بكر حاتم بن عبد الله البزار، وأبو عثمان سعيد بن القزاز، والقاضى يونس بن عبد الله، وأبو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي زمنين، وأبو محمد بن النحاس، وأبو القاسم عبد الوهاب بن أحمد بن منير بن الحسن الخشاب، وأبو الحسن القبيسى، وغيرهم. أما تلاميذه فهم أبو داود بن نجاح مصنف كتاب "التنزيل في الرسم" وخلف بن إبراهيم الطليطلى وغيرهما. وكان أبو عمرو الدانى فقيها مالكيا اشتهر في كل مكان شهرة واسعة بامتلاكه ناصية جميع العلوم المتصلة بالقرآن والحديث، وكانت سيرته خالية من كل شائبة وتعليمه موضع الإكبار والثناء. ويقول الذين ترجموا له إنه كان إلى ذلك ذا حافظة عجيبة ليس لها ضريب بين أحد من معاصريه. وكانت له في مدينة دانية صحبة بالأمير مجاهد المعروف باسم Mugetus عند الإخباريين المسيحيين الأولين. وكان هذا الأمير مشغوفا بالعلوم التي حصلها أبو عمرو الدانى. وقد أحصى الدانى ما ينيف على مائة تصنيف له في أرجوزة من نظمه، ولم يصل إلينا من هذه الكتب غير ما يأتي:
١ - "التيسير في القراءات السبع" وهو رسالة في القراءات السبع التي أجيزت في الصلاة (برلين رقم ٥٧٩ - ٥٨٩، كوتا رقم ٥٥٠؛ المتحف البريطانى رقم ٧٤؛ الجزائر رقم ٣٦٧ و ٣٦٨).