حين استسلم جانب باب الجابية لأبى عبيدة، والتقى القائدان عند كنيسة القديس يوحنا العتيقة، وهكذا احتل المسلمون الجانب الشرقى من الكنيسة هو والجانب الشرقى من المدينة، أما الجانب الغربى منها فقد ظل في أيدى النصارى. وقد سلم النَّاس منذ عهد طويل بتهافت هذه الرواية المتأخرة التي تناقض كل الروايات الموثوق بها السابقة عليها في الزمن. ويظهر أن رواية البلاذرى أدنى إلى الصحة، وهي تذهب إلى أن أَبا عبيدة احتل باب الجابية ولقيه خالد، وكان قد دخل المدينة من الباب الشرقى، ولعله أخذه عنوة أو بخيانة أهلها، وكان ذلك عند كنيسة مَقْسلات. (انظر المجلة الأسيوية، جـ ٦، السلسلة التاسعة، ص ٣٧٦, ٣٨١, ٤٠٤, عند القناطر الثلاث، Topographie: v.Kremer جـ ٢، ص ٦: تحت القناطر) في البريص (دى غوى = ولعله الطريق المستقيم).
ونحن ندين بالفضل لكيتانى لأنه بين لنا بصفة قاطعة في دراسته المستفيضة لهذه المسألة أن أَبا عبيدة لم تطأ قدماه قط أرض الشَّام عام ١٤ هـ، وأن خالدا هو الذي استسلمت له المدينة. ومن ثم تسقط رواية التقاء القائدين في وسط المدينة التي تتردد كثيرا في الروايات اللهم إلَّا إذا اتجهنا وجهة جديدة في فهم ما ذهب إليه لامانس (Lammens: Melanges de la Facule Orientale, بيروت جـ ٣، ص ٢٥٥) واستبدلنا بأبى عبيدة يزيد بن أبي سفيان الذي دخل المدينة من الباب الصغير فيما تقول الرواية الشائعة. وبهذا لا يكون ثمة مجال للقول بتهافت قصة تقسيم المدينة بعامة وكنيسة القديس يوحنا بخاصة. وقد سمح للنصارى بالاحتفاظ بأملاكهم وديارهم وكنائسهم، ولم يفرض عليهم إلَّا أداء الجزية.
وشتى العرب في دمشق، ولكنهم اضطروا إلى الجلاء عنها عند تقدم جيش هرقل الجرار في ربيع عام ٦٣٦ م, وكان على العرب أن يضربوا حول المدينة حصارًا ثانيًا بعد وقعة