ويقوم في هذه المنطقة جنبًا إلى جنب المسجد القديم وكنيسة القديس يوحنا وقصر معاوية الجديد "الخضراء". وليس لدينا وصف معاصر للمدينة في هذا العهد إلا ما كتبه الأسقف الغالى أركلف Arculf.
ونخلص منها إلى أن المسجد كان منفصلا تمام الانفصال عن الكنيسة. وواضح من الروايات العربية التي تصف الحوادث التي وقعت بعد ذلك أن المسجد والكنيسة كانا متجاورين وأن قصر الخضراء كان ملاصقا لهما، ومن ثم كان معاوية ينفذ منه إلى المسجد مباشرة، كما أن الكنيسة كانت قريبة منه إلى حد أن ناقوسها كان يقلق منامه وهو في شيخوخته (ابن قتيبة: عيون الأخبار، ص ٢٣٨). ويروى ابن جبير (طبعة دى غوى، ص ٢٦٩) أن القصر كان إلى يسار الخارج من المسجد الأموى من باب الزيادة (انظر الخطة الواردة في Baedeker) في الموقع الذي قام عليه سوق النحاسين من بعد، وهو سوق الصاغة في العصر الحديث (انظر أَيضًا كتاب الأغاني، جـ ٦، ص ١٣٩, س ٣ وما بعده).
ولم يوجه يزيد بن معاوية وخليفته عناية خاصة بالمدينة، ومع هذا فقد أسدى إلى النواحى المجاورة لدمشق جميلا وذلك بشقه قناة يزيد أو مدها (انظر المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة، ج، ص ٤٠٠ وما بعدها).
ولما مات معاوية بن يزيد (عام ٦٤ هـ الموافق ٦٨٣ م) لم يكن هناك من الفرع السفيانى الأموى من له حق واضح في الخلافة، فتنازعتها الأحزاب، ونشبت في دمشق فتنة أثناء الصلاة وبعدها كان للضحاك بن قيس فيها شأن مزدوج، فقد تعارك أنصاره مع أنصار الأمويين وعلى رأسهم حسان ابن مالك بن بحدل، وقد عرفت هذه الفتنة بيوم جيرون. ويروى ياقوت (جـ ٢، ص ١٧٥) أن جيرون سقيفة مستطيلة ذات عمد من أيام الجاهلية نسب إليها الباب الشرقى للمسجد الكبير فقيل باب جيرون، وهذا البناء المشهور إلى الشرق من المسجد الحديث