إحداها تشييد نور الدين لباب الفرج (في موضع باب العمارة القديم، انظر المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة جـ ٧، ص ٧٣٤) إلى الرغبة في حماية الأحياء التي كانت تنمو على الأيام وتتصل بالمدينة. ولكن المدينة كانت تتسع باستمرار فتجاوز الحدود المضروبة حولها؛ ولم يوفق "بورتر" ولا "فون كريمر" في تحديد مجرى الأسوار القديمة في هذا الجزء من المدينة تحديدا دقيقًا. وقد ألحق "باب الحديد" بالقلعة أثناء التغيرات التي أحدثها "العادل" فيها، على حين نقل الاسم القديم إلى الباب الذي كان معروفًا في الماضى "بباب النصر" الذي كان قائمًا أبعد من ذلك بقليل صوب الجنوب، ولا يزال هذا الباب باقيًا إلى اليوم. ثم يأخذ السور في السير بقرب الجانب الشرقى لطريق الميدان وبمحاذاته حتَّى يبلغ باب الجابية الذي يطابق الآن الطرف الغربى للطريق الكبير الذي يساير طول المدينة.
ويستمر السور من غير شك مسافة لا بأس بها في الاتجاه نفسه، وإن كان قد اختفى كل أثر له هنا، ويتبع سوق السنانية حتَّى ينعطف شرقًا عند الباب الصغير ويمتد في الوقت الحالى ربض الميدان بمساجده الكثيرة الجميلة ميلا أو ميلين ناحية الجنوب في هذا الجانب حتَّى يبلغ بوابة الله، وهي مبدأ طريق الحجيج، غير بعيد من مسجد القدم، وهو المسجد الذي تحاول الروايات أن تجعل ضريح موسى قائما فيه، كما أنها تشير إلى آثار أقدامه هناك (انظر ابن جبير، طبعة دى غوى، ص ٢٨١ وما بعدها؛ ابن بطوطة، جـ ١، ص ٢٢٦ وما بعدها)، وقد قيل من بعد إن هذه آثار أقدام محمَّد [- صلى الله عليه وسلم -] (انظر فون كريمر: Von Kremer Topographie , جـ ٢، ص ٢٢؛ Zeitschr. des Deutechen Palastina Vereins, جـ ٧، ص ٢٨٤). وليس من المحقق تمامًا فيما يظهر، وإن رجح ذلك من ياقوت (جـ ٢، ص ٢٣٦) أن الباب الصغير القديم هو نفس باب الشاغور الحديث، وفيه بابان يقدمان دليلا آخر على أنَّه كان ثمة في الماضى حلقة مزدوجة من الأسوار. وقد بطل الآن