للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أسواق المدينة حوالي منتصف القرن الماضى (Zeitschr der Deutsch Morgenl, Gesl, جـ ١١، ص ٤٧٥ - ٥٢٥) وإذا كانت المدينة قد فقدت بعض صبغتها الشَّرقية الخالصة فإنَّها ظلت على كل حال أنقى وأخلص من حواضر الشرق العظيمة الأخرى التي خضعت أكثر من دمشق لتأثير العالمية الأوربية. وأخذت صناعات دمشق القديمة العريقة تضمحل اضمحلالا كبيرًا على الأيام، ذلك أن صناعة الأسلحة التي يمكن تتبعها إلى أيام دقلديانوس قد انقرضت منذ أخذ تيمور صناعها. والحق أن أنوال الحرير (انظر الإدريسى، كتابه المذكور) التي كان لها شهرة عالمية في يوم من الأيام لم تختف بعد، ولكنها فقدت ما كان لها من شأن. أما في الوقت الحاضر فإن السلع المصنوعة (وبخاصة القطنية منها) لها الصدارة بين صادرات دمشق ونحن نجد من ناحية أخرى أن كثيرين من أصحاب الحرف لا يزالون يمدون الأهلين بمصنوعاتهم الجيدة المتقنة. ولصناعة الجلود بنوع خاص شهرة ذائعة. ولا يزال الصاغة يصنعون مصوغات مخرمة بديعة، في حين تجد مصنوعات الخشب والمعدن (النحاس الأحمر والأصفر) إقبالا في أسواق البلاد الأجنبية. والمدينة وإن خسرت خسارة لا تعوض ما كان لها من شأن في يوم من الأيام باعتبارها حاضرة دولة عظيمة ومركزا للتجارة العالمية، فإنَّها تعيش على ماضيها المجيد وحده، ومع ذلك فإنَّه يصح لنا أن نؤيد ما ذهب إليه فون أوبنهيم M.Von Oppenheim من "أن عهدا جديدا من الازدهار أخذ يشرق عليها إشراقا".

المصادر:

(١) البلاذرى: فتوح البلدان، طبعة دى غوى، ص ١٢٠ - ١٣٠.

(٢) المكتبة الجغرافية العربية، طبعة دى غوى، جـ ١، ص ٥٩ - ٦١؛ جـ ٢، ص ١١٤ - ١١٦؛ جـ ٣، ص ١٥٦ - ١٦٠؛ جـ ٥، ص ١٠٤ وما بعدها؛ جـ ٧، ص ٣٢٥ وما بعدها.

(٣) الإدريسى: Zeitschr. d. Deutch Pal. Vereins, جـ ٨، ص ١٢ وما بعدها؛ ١٣٠ وما بعدها.