واشترك مع مولاه فؤاد فى البعثة المشهورة إلى بخارست عام ١٤٤٨ م، وبعد عودته كتب هو وفؤاد -وكانا فى بروسة- القواعد العثمانية التى تعتبر أساس النحو فى اللغة التركية، وترجمها إلى الألمانية (كلكرن، هلسنكفورث عام ١٨٥٥ م)، ثم صحب فؤاد هذا فى رحلة قصيرة إلى مصر. وفى عام ١٢٧٠ هـ (١٨٥٣ - ١٨٥٤ م)، أى خلال حرب القريم، كلفه السلطان عبد المجيد كتابة تاريخ عام للأتراك من صلح كوجوق قينارجه إلى القضاء على الإنكشارية (من عام ١٨٢٦ - ١٧٧٤ م). واستطاع أن يقدم لمولاه فى العام التالى المجلدات الثلاثة الأولى التى كتبها فى عبارة طلية وأسلوب حماسى فكافأه على ذلك بتعيينه مؤرخًا للدولة، كما كافأه على مصنفه الثانى "المعاملات الإسلامية" - الذى ظهر بعد ذلك بعامين بعنوان "النص الثابت" والذى قوبل عند ظهوره بالتهليل والإكبار - بأن عينه عضوًا فى هيئة العلماء التى كانت تقوم فى ذلك الوقت بتنقيح القانون المدنى كما أقامه ناظرًا على لجنة الأملاك. ولازمه التوفيق فأخذ يتدرج فى المناصب العالية، نخص بالذكر منها منصب الوزارة الذى ضحّى من أجله بلقب مؤرخ الدولة عام ١٢٨١ هـ (١٨٦٤ - ١٨٦٥ م) ومنصب رئيس اللجنة التى كانت وظيفتها تنقيح القانون المدنى (١٢٨٤ هـ) تلك اللجنة التى ظهر نشاطها عند توليه رياستها وقد ولى حكم حلب وبروسة ومرعش ويانينا على التعاقب، وأصبح بعد ذلك واليًا على الشام مرتين، ثم ناظرًا للمعارف ثلاث مرات، ثم ناظرًا للحقانية مرتين، والداخلية والتجارة مرة، ثم وكيلا للمجلس المخصوص. وخير عمل قام به كان فى أثناء نظارته للمعارف، إذ أدخل الروح العصرية فى المدارس العامة.
وبعد أن اعتزل مناصب الحكومة قضى بقية حياته الطويلة موفور الصحة والنشاط مشغوفا بالقراءة التى كان ينفق فيها جل وقته, حجم التواضع وقد دلتنا مؤلفات أبنائه وبناته على أنه كان أبا مخلصًا وقضى نحبه بعد مرض لم يمهله طويلا فى بيته الريفى فى ببك على شاطئ البسفور فى ليلة الخامس والعشرين من مايو عام ١٨٥٩ م.