للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرآن: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (سورة الأنفال، الآية ٦٢) (١) والرباط في الأصل هو المكان يجتمع فيه الفرسان ويتكأكئون متأهبين للقيام بحملة من الحملات.

ويتصل الرباط أيضًا اتصالًا وثيقًا بمعنى تجهيز نقلة البريد والقوافل بالخيل. على أن هذه الكلمة أطلقت منذ عهد متقدم على منشأة دينية وحربية في آن اختص المسلمون بها دون غيرهم. ويتصل نظام الرباط بالجهاد أي الذب عن بلاد الإسلام والعمل على توسيع رقعتها. (٢).

وكانت دولة الروم (البوزنطيون) تعرف هذه الأديرة المحصنة، مثال ذلك دير ماندراكيون Mandrakion الَّذي شيد بقرطاجنة قريبًا من البحر، وقد ذكره بروكوييوس Procopius. على أننا نشك في أنَّه كان للرهبان الذين عاشوا فيه أي شأن حربى. والمستقرون في الرباط أو الذين يلمون به معظمهم من المجاهدين في سبيل الله. والرباطات أولا وقبل كل شيء قلاع وأماكن يتجمع فيها الجنود عند الثغور الاسلامية المعرضة للخطر. فهي تشبه القلاع عند أهل الغرب في أنها ملاذ يحتمى به سكان البلاد المجاورة له وقت الخطر.

وتتخذ هذه الرباطات أبراج مراقبة لتحذير أهل البلاد المهددين وجنود الحاميات التي في داخل البلاد وعلى حدودها الذين يستطيعون شد أزر المدافعين. ومن ثم كانت خطة الرباط من سور حصين يحيط به، وتقوم فيه حجر للسكنى ومخازن للأسلحة والمؤن وبرج للأشارة. وهذا الطراز من العمارة الَّذي سنتناول تطوره بالحديث بعد، كان يقام على نطاق صغير في كثير من

الأحيان. فكان يقتصر في هذه الحالات على برج للمراقبة وحصن صغير أشبه بالحصون البوزنطية التي كانت تشيد على الحدود، وهذا هو العلة في كثرة عدد الرباطات التي ذكرها الجغرافيون.

وشاهد ذلك ما روى من أنه كان في ما وراء النهر وحدها ما لا يقل عن عشرة


(١) رقم الآية فى المصحف العثمانى هو ٦ (م. ع.)
(٢) المعروف أن الرباط هو الإقامة بالثغر المعرض للعدو للذود عنه: "الرباط والمرابطة ملازمة ثغر العدو، وأصله أن يربط كل واحد من الفريقين خيله، ثم صار لزوم الثغر رباطًا .. والرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو." لسان العرب مادة "ربط" وانظر ما سيجئ في هذه المقالة نفسها.
(مهدى علام)