فعينه حاجباً، ثم استوزره خلفا لأبى أيوب الموريانى. وتولى ابنه الفضل بن الربيع منصب الحجابة الذى كان يتولاه أبوه، والفضل هذا هو الذى قدر أن يكون له شأن هام فيما حيك بعد ذلك من مؤامرات ودسائس لآل برمك. ولما أنشئت بغداد، قسمت هذه المدينة الجديدة إلى أربع قطائع، أقطع المنصور إحداها إلى الربيع ومن ثم أطلق عليها اسم قطيعة الربيع.
والظاهر أن نفوذه فى عهد المهدى (١٥٨ - ١٦٩ هـ) قد خبا فترة من الزمن فقد ولى الوزارة عبد الله بن أبى عبيد الله (المعروف باسم أبى عبيدة) ومن ثم اشترك الربيع فى مؤامرة أدت إلى سقوط منافسه، وذلك باتهام ولده بالزندقة عام -١٦٣ هـ (٧٧٩ - ٧٨٠ م).
ولم يفز الربيع بعد ذلك إلا بالاحتفاظ بمنصبه القديم، وهو منصب الحاجب، ولم يصبح قط وزيراً للمهدى، بل إن عبد الله بن يعقوب بن داود هو الذى خلف ذلك الوزير المغضوب عليه. ولما ولى الهادى عرش الخلافة (١٦٩ هـ = ٧٨٥ م) رقى الربيع إلى منصب الوزارة، ولكنه بقى فى المنصب مدة وجيزة، ثم أقيم كاتباً لديوان الخليفة المعروف باسم ديوان الأزمة. وظل فى هذا المنصب إلى أن أدركته منيته بعد مرض لم يمهله إلا ثمانية أيام. وأدت وفاته الفجائية إلى القول بأن الهادى دس له السم. غير أن هذه الرواية قد ضحدتها أصح المصادر الموثوق بها، ولا نعلم على التحقيق تاريخ وفاته، فالجهشيمارى والطبرى يذكران أنه
توفى عام ١٦٩، فى حين يقرر الخطيب البغدادى وابن خلكان أنه توفى فى بداية عام ١٧٠ (٧٨٦ م).
وليس لدينا إلا تفاصيل شحيحة عن أعماله فيما تولاه من مناصب إدارية، على إنه لا شك فى أنّه كان رجل أعمال عظيم المقدرة دؤوباً معتدلا أريبا. ولا أدل على ذلك من أن المهدى الذى لم يكن قط مسرفاً فى إظهار عطفه على الربيع قد وصفه ذات مرة بأنه مثال لرجل الإدارة الممتاز (اليعقوبى، جـ ٢، ص ٤٨٦). ومهما يكن من شئ فإن كتب الأدب لا تصفه بأنه كان راعياً للأدب، وهى الصفة التى اشتهر بها العباسيون وخلفاؤه من البرامكة.