للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقرآن لا يذكر هذا المنسك من مناسك الحج، وإنما ورد فيه فعل" "رجم" بمعناه فى العهد القديم، وهو رمى الكافرين للأنبياء بالحجارة، كما وردت فى القرآن كلمة "الرجيم" (= المرجوم) فى صفة الشيطان، بمعنى طرد الملائكة له ورجمهم إياه برجوم

من نار، كما جاء فيه فعل "رجم" بمعنى مجرد يدل على تطور طويل فى دلالة هذا الفعل (١) (سورة "الكهف" آية ٢٠، ٢٢).

ورمى الجمرات بالحصى فى منى قد نصت عليه الأحاديث فى كتب الصحاح، وهناك الحج الكامل، وهو حج النبى (عليه الصلاة والسلام)، وهو الذى نجده فى الكتب المختصرة فى "مناسك الحج" مثل "رسالة ابن تيمية" (قارن إبراهيم رفعت جـ ١، ص ٨٩ ومابعدها). وبعض الأحاديث الأولى (مثل البخارى، كتاب النكاح ب ٢ (٢) وكتاب السَّلم ب ١، ٢، والعمدة (٣) جـ ٨، ص ٤٨٩) تدل على أن النبى (عليه الصلاة والسلام) كان لابد له أن يضع قواعد لمسألة "الوقوف"، وهو الركن الذى يكون به تمام الحج. فكان الُحْمس (٤)، وهم قريش ومْن دان بينها يقفون فى جمع (المزدلفة)، فى الحرم.

وكان سائر العرب يقفون بعرفات خارج الحرم (٥). ولما كان لابد للنبى (عليه الصلاة والسلام) من أن يختار بين أصحابه الذين يرجعون إلى أصلين مختلفين، أعنى المهاجرين والأنصار، فإنه اختار مع الآخرين الوقوف بعرفة، ولكنه احتفظ بوقوف ثانوى فى

المزدلفة، كما احتفظ بالإفاضتين، وهذا الجمع الجديد بين المناسك يتم برمى الحصى فى جمرة العقبة.


(١) يقصد الكاتب فى الغالب الرجم بمعنى اللعن أو الطرد أو الهجر أو الرجم بالغيب ونحوها.
(٢) ليس فى البخارى في هذا الباب شئ فى الموضوع الذى يشير إليه الكاتب
(٣) المقصود عمدة القارئ فى شرح صحيح البخارى للعينى.
(٤) يسمون الحمس لأنهم تحمسوا فى دينهم وتصلبوا فيه وتشددوا.
(٥) هذا ما كان قبل الإسلام، فلما جاه الإسلام أمر الله نبيه عليه السلام أن يأتى عرفات ثم يقف بها يفيض منها. وعلى هذا يكون قد وقف حيث لا يقف أهل البلدة، وهم قريش، بل مع الحجاج الآتين من خارج مكة. راجع عمدة القارئ جـ ٨، ص ٤٨٩ أما ما يقوله الكاتب عن اختيار النبى بين أصحابه فهو من عند نفسه.