أن هذا الوقوف قد حل محل منسك قديم كان يقصد منه اللعن.
ومخالفة الأصول التى تجب مراعاتها فى قضاء هذه المناسكُ وخصوصاً فيما يتعلق بعدد الحصى ووقت رميه (العمدة جـ ٤، ص ٧٦٧ وما بعدها؛ إبراهيم رفعت جـ ١، ص ١١٣) تجب فيها فدية رأى الفقهاء أن يحدوها فيما بين نحرَ هْدى أو التصدق بُمدَ من طعام.
وقد حاول فقهاء المسلمين أن يفسروا رمى الجمار فى منى. فبعض المفسرين (كالطبرى، التفسير جـ ٢٥، ص ١٦٧) قد تبينوا فى وضوح تام أن رمى الجمار يمثل شعائر قديمة، وهم شبهوه برمى قبر أبى رجال. وثم شعائر أخرى معروفة كالتى عند بئر ذى الحليفة Betyles: Lammens ص ٩٤) وتدل المراجع المذكورة على انتشار هذه الشعيرة، كما تبين الأحوال التى تجعلنا واثقين أن المسألة هى مسألة طرد الشر. ويمكن أن تضاف إلى ذلك عادات أخرى، فمثلا كان يرمى الحصى وراء شخص إذا ذهب إظهاراً للرغبة فى ألا يعود (مقامات الهمذانى طبعة بيروت ص ٢٣) ويذكر أنه كان من عجائب الإسكندرية عمودان يسميان عمودى الإعياء وكانا ملقيين ووراء كل منهما جبل حصباؤه كصبر الجمار بمنى، فيقبل العيُّى بسبع حصيات حتى يستلقى على أحدهما، ثم يرمى وراءه بالحصيات السبع ويقوم ولا يلتفت، ويمضى لطلبته فلا يحس بشئ من تعبه (صبح الأعشى للقلقشندى جـ ٣، ص ٣٢٢) ولكن المضى فى المقارنات سيبعد بنا عن جزيرة العرب Pro-: Lods
phetes d' Israel ص ٣٥٤)
والمأثورات الشعبية ترد رمى الجمار كما ترد كثيرا غيره من المناسك إلى إبراهيم (عليه السلام) فيروى أن الشيطان تعرض لإبراهيم أو هاجر أو إسماعيل، بل تعرض لمحمد [- صلى الله عليه وسلم -] نفسه لكى يفتنه عن قضاء مناسك الحج فرماه بالحجارة وطرده، فإذا أخذنا من ذلك أنه سمى الرجيم فإنما نكون بسبيل تفسير آية ٥ من سورة الملكُ (انظر ما تقدم).