عهود هؤلاء، فى حين لا نجد عن بعض العهود الأخرى سوى إشارات عارضة ذكرها كتاب كان اهتمامهم الخاص موجهًا إلى نواح أخرى، ومن ثم كانت هذه التفصيلات فى كثير من الأحيان ضعيفة السند، كما أننا نشك فى أن بعض أفراد الزيدية قد ادعوا الإمامة حقاً. والاسم الرس نسبة إلى عقار بالقرب من مكة كان فى حوزة القاسم الّرسى جد إمام الزيدية الأول، وهو من
سلالة الحسن بن على بن أبى طالب.
وفى عام ٢٧٠ هـ (٨٩٣ م) دخل يحيى، الملقب بالهادى إلى الحق، بلاد اليمن قادماً من الحجاز، وسار حتى أشرف على صنعاء، ولكنه عاد أدراجه بعد أن عجز عن فتح هذه البلاد. ثم عاود الكرة واحتل صعدة عام ٢٨٤ هـ، واستولى على نجران، على أنه لم يمكن لنفسه فى هذه النواحى؛ وظل القتال مشبوباً؛ شاهد ذلك أنه استولى على صنعاء أكثر من مرة، وكان ولده أسيراً بها عام ٢٩٠. ثم ظهر القرامطة فى اليمن واستولوا على صنعاء عام ٢٩٤. وبقيت فى حوزتهم ثلاثة أعوام فضلا عن
استيلائهم على كثير من المدن الأخرى.
وقد عاون الإمام على إخراجهم من صنعاء، ولكنه لم يستطع الاحتفاظ بالمدينة لنفسه، وتوفى عام ٢٦٧ هـ (٩١٠ - ٩١١ م) وكان فى اليمن فى حياته ولاة وجند من العباسيين. وقد اشتبك يحيى مع القرامطة فى سبعين واقعة، وبلغ من قوته أنه كان يستطيع أن يطمس بأصابعه النقش الذى على العملة. وكان يحيى على مذهب الحنفية يستهدف إقامة حكومة إسلامية تفرض
على النساء الحجاب، ويقتسم الجنود المغانم وفقاً لما جاء فى القرآن. وحاول أن يجعل الذميين فى نجران يبيعون كل ما يكونون قد اشتروه من أرض فى العهد الإسلامى. ولم يجد بداً من الاكتفاء بفرض ضريبة قدرها تسع المحصول. وبادر الناس بعد وفاة يحيى إلى مبايعة ابنه محمد الذى احتفظ بصعدة حاضرة له، وامتد حكمه على نجران وهمدان وخولان. واعتزل محمد
الحكم عام ٣٠١ هـ فخلفه أخوه الذى كان فى حرب مستمرة مع الزعماء والقرامطة على اختلافهم. وقد هزمه بنو يعُفر عام ٣٢٢ هـ (٩٣٤ م) وأدركته المنية، فاحتل الظافرون مدينة صعدة