"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً" (راجع سورة "المؤمنون" الآية ٤٤؛ وسورة غافر، الآية ٥). وما فى هذه الآيات مرتبط بما فى الآيات التى تنص على أن الله فى يوم القيامة سيجئ من كل أمة بشهيد عليها (سورة النساء آية ٤١؛ سورة القصص، آية ٧٥، راجع ما جاء من أوصاف الرسول الذى سيجوز الصراط إلى الجنة على رأس أمته: البخارى، كتاب الأذان، باب ٢٩؛ وكتاب
الرقاق باب ٥٢ (١).
ومحمد عليه الصلاة والسلام قد أرسل إلى قوم لم يأتهم من نذير من قبله (سورة القصص، آية ٤٦، سورة السجدة، آية ٣؛ سورة سبأ، آية ٤٤)، أما الأشخاص الآخرون الذين يجعل القرآن لهم درجة الرسل فهم: نوح ولوط وإسماعيل وموسى وشعيب
وهود وصالح وعيسى عليهم السلام.
أما عدد الأنبياء فهو أكبر من ذلك، وهو يضم إلى جانب غالبية الرسل أشخاصا من الذين ورد ذكرهم فى التوراة أو ممن هم أشبه بأشخاص التوراة مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وهرون وداود وسليمان وأيوب وذى النون. أما محمد [- صلى الله عليه وسلم -] فهو يسمى فى القرآن رسولاً تارة ونبياً تارة أخرى، ويظهر أن الأنبياء هم الذين يرسلهم الله هداة ومنذرين لقومهم، ولكنهم لا يكونون على رأس أمة، كما هو شأن الرسل. والإنسان يميل إلى أن يتصور أن ما فى الإسلام من تمييز بين الرسول والنبى هو كالتمييز الموجود فيما كتبه علماء النصارى: فالرسول إلى جانب أنه رسول هو فى نفس الوقت نبى أيضًا؛ أما النبى فلا يتحتم أن يكون رسولا إلى جانب كونه نبياً.
غير أن هذا ليس يقيناً بالمعنى المطلق، وذلك أن الفكرة الموجودة وراء آيات القرآن ليست دائمًا واضحة.
أما فيما يتعلق باختصاص الرسول بأمته فهو يمكن أن يُقارن بالرأى الموجود فى الأعمال المنحولة للرسل من
(١) ليس فى هذين الموضعين من البخارى أكثر من أنه سينصب الصراط بين ظهرانى جهنم وأن النبى محمدا عليه الصلاة والسلام سيكون أول من يجوز بأمته من الأنبياء. ولن يتكلم أحد فى ذلك الموقف إلا الأنبياء وسيكون دعاؤهم: "اللهم سلم سلم"- المترجم.