ولما عاد رفاعه الى مصر عام ١٨٣٢ التحق بمدرسة الطب، وكان على رأسها كلوت بكُ، مترجماً ومدرساً للغة الفرنسية، كما عهد إليه أيضا بتحرير "الأخبار المصرية" - Informations egyp tiennes التى عرفت فيما بعد باسم
الجريدة الرسمية Journal officiel.
وانتقل عام ١٨٣٢ إلى مدرسة المدفعية، ثم اختير فى عام ١٨٣٥ مديراً لمدرسة الألسن (وكانت فى الأصل قلم الترجمة). وظل فى هذا المنصب إلى أن اعتلى الحكم عباس الأول. ومن المؤسف أن هذا الوالى لم يتابع أعمال سلفه الباهرة، إذ أقفلت مدرسة الألسن (١) وأرسل مديرها إلى السودان لينظم المدرسة العالية بالخرطوم، وكان فى ذلك العمل انتقاصاً مستوراً لقدر رفاعة بك.
وعاد رفاعة بك إلى مصر عندما توفى عباس، فعينه سعيد باشا مديرا للمدرسة الحربية مدة وجيزة، ذلك أن هذه المدرسة أقفلت هى أيضا أبوابها فوجد رفاعة نفسه من غير عمل.
وأعيد افتتاح هذه المدرسة عام ١٨٦٣ فى عهد إسماعيل، وعين رفاعة مرة أخرى مديراً لقلم الترجمة. وأصبح فى عام ١٨٧٠ رئيس تحرير المجلة التعليمية المسماة "روضة المدارس" وكانت تصدر نصف شهرية وتوفى رفاعه عام ١٨٧٣.
وكان رفاعه بك من أشهر كتاب العربية فى القرن التاسع عشر، واسمه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة البعث الزاهرة للنشاط الأدبى والعلمى فى الشرق الحديث. وكان رفاعه متوقد الذكاء محبا للعلم والمعرفة. وقد خلف عدداً كبيراً من المصنفات فى مختلف
نواحى المعرفة: كالتاريخ، والجغرافيا، والنحو، والقانون، والأدب والطب وغير ذلك. وتجد تفصيلا لهذه المصنفات فى معجم سركيس: - bibliogra Dictionnaire)
phique ص ٩٤٢ - ٩٤٧). وحسبنا أن نذكر هنا ترجمته لتليماك - Tele ,maque وجغرافية ملطبرون Brun-Malte وللقانون المدنى الفرنسى.
وإذا شئنا أن نقدر ما كان لرفاعه بك من شأن عظيم فإنه يجب أن نذكر أن العالم العربي فى فجر القرن الماضى كان فى حالة خمود وركود يفصله عن
(١) أعيدت مدرسة الألسن إلى الحياة فى العصر الحاضر فقد افتتحت في مارس ١٩٥٢ [م. ع]