شعبان، وهى تتصل بهذه الليلة، تشبه إلى حد ما انظار اليهود المتصلة بالسنة الجديدة (وهذه السنة تسبق يوم الكفارة بفترة أقل من الفترة التى تسبق بها ليلة براءة شهر رمضان) مما يقوى الصلة بين ليلة براءة ويوم الكفارة. وإذا شئنا أن نربط كلمة براءة التى لم يستطع بعد تفسيرها بالكلمة العبرية بريئا بمعنى الخلق، وتدبرنا فكرة اليهود التى تقول إن العالم خلق فى رأس السنة (وثمة شواهد كثيرة فى طقوس هذا العيد). فقد نستطيع بذلك أن نظفر بحلقة جديدة فى سلسلة هذه الأدلة. ولكن ينبغى لنا أولا أن نتحقق من الزمن الذى ظهرت فيه الأفكار المتصلة بليلة البراءة (١).
أما الشعائر المتصلة بصوم رمضان فقد ذكرت فى مادة صوم ومن الأيام الجليلة التى ذكرها البيرونى وغيره فى هذا الشهر اليوم السادس الذى ولد فيه الشهيد الحسين بن على، واليوم السابع عشر الذى فتحت فيه مكة، واليوم الحادى والعشرون الذى توفى فيه على والإمام على الرضا، واليوم الثانى والعشرون الذى ولد فيه على ثم ليلة السابع والعشرين أى ليلة القدر.
وليلة القدر تسمية قرآنية سميت بها سورة القدر. فقد جاء فيها "ليلة القدر خير من ألف شهر، تَنَزّلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلامٌ هى حتى مطلع الفجر". وقد نزل الوحى كما سبق أن ذكرنا فى هذه الليلة وأشير إليها فى سورة الدخان، الآية الثانية، فقيل إنها ليلة مباركة. على أن القول بأن ليلة القدر تقع فى السابع والعشرين من رمضان قول غير مقطوع به، ومن ثم جرى أهل التقوى على الاعتكاف فى جميع ليالى الوتر فى عشرة الأيام الأخيرة من رمضان على اعتبار أن ليلة القدر تكون فى ليلة منها.
تكاد تتوقف التجارة والصناعة فى رمضان، وخاصة إذا وقع هذا الشهر
(١) لم يأت كاتب المقال بجديد فى هذه المادة، وإنما هو يردد الدعاوى التى سبق أن قال بها كثير من المستشرقين فى مواد مختلفة من هذه الدائرة، وهى أن الدين الإسلامى وشرائعه قد أخذت من الأديان السابقة له وخاصة اليهودية. وقد سبق أن رددنا على هذه الدعاوى فى أكثر من مادة وقلنا إن الإسلام إذا كان قد أخذ من اليهودية فإن ذلك لا يضيره لأن مصدر الأديان السماوية واحد. وفد جاء القرآن مصدقًا لما بين يدى اللَّه من التوراة والإنجيل. وحسب القارئ أن يرجع إلى التعليقات التى أثبتناها فى هذا الصدد بآخر كثير من المواد.