إنه ورث عن أبيه ميله لغريب اللغة، ولهذا كانت قصائده من أصعب ما نظم باللغة العربية، فقد حفلت بالألفاظ المهجورة أو النادرة التى قل أن يستعملها غيره من الشعراء مما يحمل المرء على الظن بأنه إنما نحت ألفاظا جديدة من قبيل التفاخر. وهو إلى ذلك أكثر شعراء العرب طرا غراما بذلك الضرب من تجنيس الكلمات أو حشد صيغ شتى مشتقة من فعل واحد (١) ولن يجد أحد فى ذلك جمالا. ولعل معظم السبب فى حفظ قصائد رؤبة أنها ذخيرة يستمد منها اللغويون فوائد جمة. ويتضح ذلك بأجلى بيان من ذلك الحشد العظيم من الشواهد الذى ورد منها فى المعاجم الكبيرة، فقد بلغت هذه الشواهد بضعة آلاف فى لسان العرب. ونحن لا نعجب إذا رأينا كثيرًا من علماء البصرة، وبعضا من علماء الكوفة، يزورونه للاستزادة من علمه حتى برم هو بذلك.
وكان لرؤبة ولدان، عبد اللَّه الذى أهداه أبوه قصيدتين من قصائده، وعقبة الذى نظم أيضًا قصائد على منوال أبيه (ابن قتيبة: كتاب الشعر؛ الجاحظ: البيان والتبيين، جـ ١؛ ص ٢٢؛ المرزباني: الموشح، ص ٢١٨، ٢٢٦ ابن رشيق: العمدة).
وقد جمعت قصائد رؤبة فى ديوان، جمعها أبو عمرو إسحق بن مرار الشيبانى، وابن الأعرابى، والسكرى، ولعل نسختى وابن الاعرابى والسكرى، هما اللتان نجدهما فى مخطوطات القاهرة وستراسبورغ وبرلين (انظر Dijamben، الأرقام من ٤٠ - ٤١). قد نشر آلوارت (برلين ١٩٠٣) محتويات هذه المخطوطات وفاته للأسف أن يثبت الشروح التى عليها، مع أنه لا غنى عنها فى تفهم قصائد رؤبة، فضلا عن أنه أوردها مرتبة ترتيبا أبجديًا مما أغمض علينا تبين الخطة المتبعة فى جمعها. ورأى كيير S.Geyer أن هذه الطبعة ناقصة، فنشر سنة ١٩٠٨ بعنوان Atar-abische Dijamben . إحدى عشرة قصيدة وأثبت الشروح التى أغفلها آلوارت. وقد زاد آلوارت على طبعته أشعارًا أخرى نسبت لرؤبة فى كتب أخرى، وعمد