يكن من شئ فإن طبيعة الزكاة فى أيام النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت لا تزال غامضة، ولم تكن ضريبة من الضرائب التى يقتضيها الدين (١٠)، ولذلك امتنع من أدائها البعض من قبائل الأعراب بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، لأنهم اعتبروا أن معاهدتهم قد بطلت بوفاة من عاهدوه على أدائها، وبعض المؤمنين، جنحوا إلى التسليم بذلك، وكانت صلابة أبى بكر هى التى جعلت من الزكاة نظامًا دائمًا (١١)، وقد ساعد هذا النظام بفضل إنشاء بيت مال للدولة مساعدة كبيرة على بسط سلطان الإسلام، وظل المؤمنون الغيورون على سابق عهدهم يرون أن من حقهم أن ينفقوا الزكاة فى الوجوه التى يختارونها، ولكن نمو الدولة وتركيز سلطانها لم يلبثا أن جعلا هذا الأمر مستحيلا من الناحية العملية، فلما تحددت واجبات المسلم تحديدًا تقررت الزكاة بوصفها ضريبة شرعية وبينت أحكامها بجميع تفاصيلها، وقد تركت الآراء التى قيلت فى هذا الصدد أثرها فى الحديث (١٢)، ونذكر بهذه المناسبة نظام الزكاة المفصل الذى ينسب فى الغالب إلى أبى بكر وينسب أحيانا إلى النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أو إلى عمر بن الخطاب، أو إلى على بن أبى طالب (١٣).
أما الأحكام الشرعية المتعلقة بالزكاة فهى الأحكام التالية، بحسب مذهب الشافعى: لا يؤدى الزكاة إلا المسلمون (ولا يؤديها عند الحنفية إلا من كان بالغًا قادرا على الحساب)(١٤)، وهى تؤدى عن أنواع الأموال الآتية:
١ - ما يخرج من زرع إذا زرع ليكون طعامًا.
٢ - الثمار، خصوصًا التى ورد ذكرها صريحًا فى الحديث، وهى العنب والتمر.
٣ - النعم، أى الإبل والبقر والغنم (والخيل أيضا عند الحنفية).
٤ - الذهب والفضة.
٥ - عروض التجارة. ويجب أداء الزكاة عن الصنفين الأولين عند حصادهما على الفور؛ أما الأصناف الثلاثة الأخرى فلا تؤدى زكاتها إلا إذا ظلت فى حوزة صاحبها حولا كاملا من غير أن تنقطع ملكيته لها؛ ويشترط فى