خصوصا زكاة الأموال الباطنة، لا تؤدى على الإطلاق، أو هى لم تكن تؤدى بالقدر الذى فرضه الشرع، وكثيرًا ما اقترن جمع الزكاة بالابتزاز وغيره من الآفات، بل إن حصيلة الزكاة لم تكن تنفق فى غالبية الأحوال فى وجوهها الشرعية؛ وكان عمال الزكاة أنفسهم أو القضاة يحتفظون فى العادة بالشطر الأكبر من مال الزكاة. وفى بعض الأحيان آلت زكاة الزروع المعروفة باسم "العشر"، إلى ضريبة مدنية بحتة. ومع ذلك يعرف الناس فى البلاد الإسلامية أحكام الزكاة، فإذا كان صاحب الحقل غير مثقل بمكوس أخرى فإنه يتبع هذه الأحكام بالنسبة للأموال الظاهرة على الأقل، بقدر ما تسمح الأحوال، وإن كان يقع كثير من المخالفات من حيث التفاصيل.
أما زكاة الفطر فهى الصدقة الواجبة التى يؤديها المسلم فى آخر شهر رمضان من مواد الطعام، وبحسب الحديث كان النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] هو الذى أمر بها فى السنة الثانية للهجرة وبين مقدارها بيانًا دقيقًا (على أن هذا البيان غير ثابت ثبوتا قطعيا من الناحية التاريخية).
ولكن الفقهماء يختلفون فى أمر العلاقة بين زكاة الفطر هذه والزكاة المفروضة الأخرى، كما يختلفون فى وجوب أدائها، وبحسب الرأى الذى ساد أخيرًا تعتبر زكاة الفطر واجبًا (أما عند المالكية فلا تعتبر إلا سُنّة) ويؤديها كل مسلم حر عن نفسه وعن جميع من تلزمه بحسب الشرع نفقته، وآخر موعد لأدائها أول شهر شوال (٢٣)، وهو الذى يعقب شهر رمضان، ولا يعفى من زكاة الفطر إلا من كان لا يملك شيئًا يزيد على ما يحتاج إليه فى قوته هو ومن يعول من أهله. ومقدار هذه الزكاة صاع واحد (= ١/ ٦٠ من الوسق) أو أربعة أمداد مما يطعم أهل البلد فى العادة، وذلك عن كل فرد من الأسرة. وأهل زكاة الفطر عند الشافعية هم أهل الزكاة المفروضة، أما أصحاب المذاهب الأخرى فهم يرون، ورأيهم أكثر تمشيًا مع الصبغة الأصلية لزكاة الفطر، قصر هذه الزكاة على الفقراء والمساكين. وقد