سامراء لابن حنبل فرصة الاتصال بشخصيات البلاط دون لم ن يتعرض لخطر التساهل من جانبه. وتبدى الروايات التى انتهت إلينا أنه قوبل عند وصوله بالترحاب من الحاجب وصيف وأنزل بقصر إيتاخ الفخم وحمّل بالهدايا وقدم إلى المعتز، ولكنه أعفى أخيرًا -بناء على طلبه- من أن يكلف بأية مهمة خاصة بالنسبة لسنه وضعف صحته، وعاد إلى بغداد بعد إقامة قصيرة دون أن يلقى الخليفة (المناقب، ص ٣٧٣ - ٣٧٨؛ الترجمة، ص ٥٨ - ٧٥؛ البداية، ج ١٠، ص ٣١٤، ٣١٦، ٣٣٧ - ٣٤٠).
وتوفى أحمد بن حنبل فى ربيع الأول سنة ٢٤١ هـ (يولية سنة ٨٥٥ م) فى الخامسة والسبعين بعد مرض قصير، ودفن فى مقابر الشهداء بالقرب من باب حرب. والروايات التى أحاطت بوصف جنازته، وإن كان بعضها يدخل فى باب الأساطير، إلا أنها تعطينا فكرة عن مشاعر الجماهير الصادقة نحوه، وقد كان قبره مشهدًا لمظاهرات من الولاء المتأجج مما حمل السلطات المدنية على حراسة مقبرته (المناقب، ص ٤٠٩ - ٤١٨؛ الترجمة، ص ٧٥ - ٨٢؛ البداية، ج ١٠، ص ٣٤٠ - ٣٤٣)؛ وأصبح هذا القبر من أكثر الأماكن فى بغداد احتشادًا بالزائرين. وقد زوده الخليفة المستضئ سنة ٥٧٤ هـ (١١٧٨ - ١١٧٩ م) بنقش يمجد ذلك المحدث المشهور ويصفه بأنه أصدق مدافع عن السنة (البداية، ج ١٢، ص ٣٠٠). ومحا هذا النقش فيضان لدجلة حدث فى القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى؛ انظر Le Strange: Baghdad، ص ١٦٦).
وأعقب أحمد من كل من زوجتيه ابنًا واحدًا: صالحًا وعبد الله، علاوة على ستة أولاد من سراريه لا نعلم عنهم شيئًا غير ذلك (المناقب، ص ٢٩٨ - ٣٠٦). ويقال إن صالحًا (ولد فى بغداد سنة ٢٠٢ هـ - ٨١٨ - ٨١٩ م، وتوفي وهو قاض لإصفهان سنة ٢٦٦ هـ - ٨٧٩ - ٨٨٠ م) قد نشر جزءًا كبيرًا من فقه أبيه (الطبقات، ج ١، ص ١٧٣ - ١٧٦). وكان عبد الله معنيا بالحديث خاصة، وعن طريقه نشر الجزء الأكبر من آثار أحمد؛ وتوفى عبد الله فى بغداد ودفن بمقبرة قريش، وإلى قبره تحول