أخرى تربط زناتة بشخص يدعى شنَه أو جَنَه. ويقال إنه إما أن يكون قد انحدر من صلب كنعان ولد سام أو من صلب جالوت. ويكفى فى تعليل هذا الزعم من جانب زناتة القول بأنهم أرادوا به أن يصلوا حبلهم بشخصيات جليلة. والظاهر أن هذا القول يؤيده إلى حد ما أسلوب المعيشة التى كان يحياها معظم أهل زناتة. فقبائل زناتة رحل فى جملتهم على طريقة الأعراب يرعون الإبل ويعيشون فى الخيام، فى حين أن غالبية صنهاجة تعيش عيشة مستقرة. وتتفرق زناتة فى كل بلاد البربر، على أن أغلبها فى الفيافى والصحارى الممتدة من غدامس إلى المغرب الأقصى. والظاهر أن عرب المغرب الأوسط والأقاليم الصحراوية الحافة به كانت ومازالت موطنهم الخاص، وهم يتميزون عن الجماعات الأخرى بلغتهم. فاللهجات البربرية التى يتحدثون بها فى واحات مزاب وورجلة وواد ريغ وفى غرب الجزائر بما فى ذلك جبل ورسنس الضخم، وفى شرق مراكش حيث لا يزال يطلق عليها اسم الزناتية.
ويفرق الإخباريون، كما هى الحال بالنسبة لصنهاجة، بين عدة أجناس من زناتة أو على الأصح بين جملة أفواج من السكان ظهرت على مسرح التاريخ فوجا بعد فوج بعد أن عاشت مغمورة فى حالة البداوة. وقد مكنتهم الظروف المواتية من أن يؤسسوا الإمبراطوريات الكبيرة التى كانت قائمة إما بالتحالف معها أو بمناصبتها العداء.
وينتسب إلى الجنس الأول من زناتة: جَراوَة، وبنو إِفْرِن، ومَغْراوة، وومانو وإيلومى. ويقال إن جراوة كان مركزهم الرئيسى فى جبال أوراس حيث كان لملكتهم المشهورة الكاهنة فى القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) شأن كبير فى مقاومة الفتح العربى. [فى بادئ الأمر]. فلما اتخذت هذه المقاومة -التى كانت أوراس إحدى معاقلها- البدعة الدينية التى عرف بها الخوارج كان زناتة بن إفرن ألب أبطالها عودًا وأشدهم مراسًا. وقد أسس أبو قرّه الإفرنى فى القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) مملكة خارجية فى تلمسان. وفى القرن الرابع