(جـ ١، سنة ١٩٣١، رقم ٦، ص ٦٤١ - ٦٦٩، وقد ترجمها Widmer، كتابه المذكور، ص ٥٠ - ٧٩) وهى القصيدة التى اتهم من أجلها مرة أخرى بالإلحاد، وتعتبر هذه المجموعات كلها وكذلك القصائد المفردة خير الشواهد على تطبيقه لنظرياته من الناحية العملية، وهى النظريات التى أفرد لبسطها وشرحها عددًا من المقالات والمحاضرات والمقدمات التى وضعها لدواوينه الشعرية. وهو يرى أن الشعر بجميع أغراضه يجب أن يتحرر من أسر التقاليد الجامدة بحيث لا يراعى فيه إلا القواعد اللغوية (والزهاوى فى هذه الناحية من أنصار اللغة الشعبية الحية، ومن رأيه أن تحل هذه اللغة محل لغة الكتابة الحالية. R.M.M جـ ١٢، سنة ١٩١٠، ص ٦٧٠، ٦٨١ - ٦٨٢). ويصح أن تتنوع القافية، بل هو قد جوّز اصطناع الشعر المرسل، وقال بعدم وجوب تقييد الأوزان بالنظريات التى وضعها الخليل؛ وبأن نهضة الشعر لا تكون بتقليد فحول الشعراء الأوربيين تقليدًا أعمى. ويجب على كل شاعر أن يظل أمينًا على لغته بل مخلصًا لشعبه أيضا. ونظرة إلى بعض أقسام ديوان الزهاوى كافية للدلالة على أنه قد خرج خروجًا تامًا على أغراض الشعر القديمة كالمديح والهجاء وغيرهما. وهذه الأقسام هى الشهقات (الموضوعات الفلسفية) والحديث شجون (الشعر القصصى) وأنين المجروح (النواح) ووحى الضمير (الوطنيات) والمرأة (الحركة النسوية) وغير ذلك. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الزهاوى مجدد بمعنى الكلمة فى الشعر العربى سواء فى مادته أو فى قوالبه. وكان الزهاوى من أصحاب المواهب الأصيلة، ولكنه كان متشائمًا إلى أبعد الحدود. وليس ذلك غريبًا منه بالنسبة لظروف حياته (بل إنا لنجد عنده أفكارًا عن الانتحار، وهذا عجيب فى الشعر العربى: الديوان، ص ٤٠٤). وأكثر أشعار الزهاوى جياش بالقوة والحياة نظم بلغة سهلة مشرقة. على أن هذه القوة والحياة لم تحرم هذه الأشعار من أن تكون فى كثير من الأحيان حافلة بالمشاعر العميقة، مثال ذلك قصيدة "الغريب المحتضر" (الديوان، ص ١٠٣ - ١٠٥، وقد ترجم نخلة R. Nakhla شطرًا منها.