عشر الميلادى) بتوزيع الأراضى على خاصة أمرائه، فوهب لبنى زيرى ناحية ألبيرة، وقد حلت غرناطة شيئًا فشيئًا محل قصبة هذه الناحية القديمة، وكانت غرناطة آنئذ مدينة حديثة النشأة جل سكانها من اليهود؛ وشرع زاوى بن زيرى فى تصريف الأمور بوصفه واليًا مستقلا على غرناطة، ولم يعمد من فوره إلى اتخاذ لقب السلطان. وقد آزر زاوى المطالب بالخلافة على بن حمود وأوقع بأعوان مطالب آخر بالخلافة. هو عبد الرحمن المرتضى، هزيمة منكرة فى منطقة غرناطة عام ٤٠٧ هـ (١٠١٦ - ١٠١٧ م)، وقد قوى سلطان زاوى بطبيعة الحال على إثر ما كتب له من نصر، ومن هنا يصعب علينا أن نفسر القرار الذى بادر باتخاذه ألا وهو انعقاد عزمه على هجر إمارته والعودة إلى إفريقية مسقط رأسه؛ ولا شك فى أنه كان مدفوعًا فى هذا بالحقد الدفين الذى كان لا يزال مستعرًا فى أسبانيا والذى أدى إلى تقسيم أفريقية إلى زناتة مناهضين للفاطميين، وصنهاجة يؤازرونهم؛ وكان الزناتية يستولون يومًا بعد يوم على أرض جديدة فى الأندلس حيث احتلوا المنطقة الجبلية فى وسط الأندلس وفى غربها، بيد أن زاوى استعاد القيروان عام ٤١٦ هـ (١٠٢٥ م) بشرذمة من أتباعه.
ورحل زاوى بن زيرى عن الأندلس، فتزعم حبوس بن ماكسن ابن أخيه بنى زيرى فى غرناطة، وقد اتخذ حبوس اللقب الملكى "الحاجب" ولقب التشريف "سيف الدولة" وتولى الحكم عشر سنوات أو تزيد حتى عام ٤٢٩ هـ (١٠٣٨ م)؛ وعقد أحلافا مع الدويلات الصغيرة المجاورة، وعند موته كانت مملكته قد اتسعت رقعتها بضم ناحيتى جيان وقبرة؛ وقد عهد حبوس بتسيير دفة مملكته إلى وزير يهودى يدعى صمويل بن نغزالة، وهو أمر لم يسبقه إليه أحد فى أسبانيا على عهدها الإسلامى.
ومات حبوس بن ماكسن فانتقل السلطان إلى ابنه باديس بن حبوس، ويعد حكمه الطويل غاية ما بلغه سلطان بنى زيرى فى الأندلس من عز وسؤدد. وقد استهل حبوس عهده بوقعة دموية