الساسانيين، فى حين أن غيرهم أسندها إلى ملوك الأساطير، مثال ذلك أن قصة تحريم بهرام كور الخمر التى وردت فى الفردوسى (Macan، ص ١٤٩٧ وما بعدها) قد ذكرها الثعالبى (ص ١٤٩؛ وانظر ص ٢٩) على أنها حدثت فى عهد كيقباذ؛ أما القصص التى تعتمد على الموضوع الشائع المتواتر ألا وهو خروج الملك متخقيًا إلى بلاد العدو (شابور الثانى وبهرام كور) فترجع إلى الرواية القديمة، ولعل بعض الموضوعات الأخرى كانت أقرب عهدًا من الأولى، وقد نشأ هذا أحيانًا من تدخل العرب، مثل قصة حصار الحضر والقصة التى تربط بين سيف بن ذى يزن وخسرو (كسرى) الأول. ومن الجائز أيضًا أن ذلك الجزء من القصص المتعلق ببهرام كور وخسرو الثانى والذى كان لملوك الحيرة فيه شأن (اعتلاء بهرام كور العرش وهرب خسرو الثانى من وجه بهرام جوبين) لم يخلُ تمامًا من الشيات العربية التى نجدها أيضا فى أقوال الملوك المأثورة. ولا شك فى أن هذا يصدق على ما نقله الثعالبى من قول الملك نَرْسَىْ (ص ٥١٠:"وكان لا يرقب إلى بيوت النيران فإذا قيل له فى ذلك، قال: قد شغلنى خدمة اللَّه عن خدمة النار").
والملوك الذين أسهبت الأخبار فى الحديث عنهم هم على الجملة، أعظم الملوك شأنًا من الوجهة التاريخية: أردشير الأول وشابور الأول وشابور الثانى. على أن بهرام الخامس ليس فى الواقع من الملوك العظام. وكان كتاب الملوك القديم إذا لم يجد شيئًا يسجله عن ملك من الملوك اقتصر على ذكر الخطب التى يروى أن هذا الملك ألقاها عند اعتلائه العرش إلخ. .؛ وكانت خطب الملوك وأقوالهم المأثورة تعد نماذج للأسلوب الرفيع (Gesch d.Perser: Noldeke، ص ١٨؛ الثعالبى، طبعة زوتنبرغ، ص ١٥) ونحن نجد فى الثعالبى أن أردشير الأول نفسه كانت عنده موهبة الخطابة؛ ويبدو أن البلاغة العربية قد فعلت فعلها هنا؛ فإن خطبة العرش التى خطبها هرمزد الرابع والتى ذكرها الدينورى (كتاب الأخبار الطوال، ص ٧٧ وما بعدها) توحى بأنها استمدت من أصل عربى لا فارسى (انظر أيضا Gesch d. Perser: Noldeke، ٣٢٦ وما بعدها).