للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واللَّه يُرى فى يوم القيامة. . .، وهو يتجلى يوم القيامة لسائر الخلق (١).

(جـ) العمل بالشرع يتم بمجهود إرادى (وهذا هو الاكتساب فى مقابل الروح السلبية عند الكرّامية) (٢)؛ والصبر عن اللذات أفضل من التمتع بها، والأنبياء أفضل من الأولياء، والحكمة هى الإيمان (٣).

(د) الاتحاد، كما يقول به الصوفية، هو شعور المؤمن بذاته، "بالأناء" الإلهى، بقدر ما فاض عليه من ذلك فى الأزل (سر الربوبية) (٤).

وقد قام نقاد الحنابلة، من عهد ابن الفراء إلى عهد ابن الجوزى وابن تيمية بتفنيد ما فى هذه الآراء من سمات الاعتزال ومن نزعات إلى القول بالوحدة تفنيد عن بصيرة، وهذا ما نقده من أول الأمر كل من الحلاج والأشعرى وابن خفيف، على تفاوت فيما بينهم.

ولكن لما كان السالمية، ومعهم الكرامية هم وحدهم من علماء أهل


(١) [من قول السالمية إن اللَّه يرى يوم القيامة فى صورة آدمى محمدى وأنه يتجلى لسائر الخلق من الإنس والجن والملائكة والحيوان أجمع، لكل واحد فى معناه، وأن الكفار يرون اللَّه ويحاسبهم -وهذا، كما لاحظ صاحب الغنية يتنافى مع التنزيه للَّه بحسب صريح القرآن- المترجم].
(٢) [إن كتاب أبى يعلى بن الفراء، وهو المخطوط الذى رجع إليه الأستاذ كاتب المقال، ليس فى متناول اليد، ويذكر صاحب كتاب اللمع أنه سمع أحمد بن سالم، وقد سُئل عن معنى قول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أطيب ما أكل الرجل من كَسب يده"، قال الكسب سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتوكل حال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما استن لهم الكسب لعلمه بضعفهم، حتى إذا عجزوا عن التوكل الذى هو حاله وسقطوا عن مرتبته ودرجته فى التوكل وقعوا فى الاكتساب الذى هو سنته. ولولا ذلك لهلكوا -كتاب اللمع ص ١١٦ و ١٩٥ - ١٩٦ - المترجم].
(٣) يجوز أن يكون هذا الكلام مأخوذ عن مصدر ليس فى متناول يدنا. على أن صاحب اللمع (ص ٥٠) يذكر رأى ابن سالم فى درجات الصابرين. فهو يميز بين المتصبر الذى يصبر فى اللَّه، فمرة يصبر على المكاره ومرة يعجز، ويدخل فى ذلك من يصبر على ملازمة الواجب والإعراض عما نهى عنه؛ وبين الصابر، وهو يصبر فى اللَّه وللَّه ولا يتمكن منه الجزع وإن كان ربما شكى؛ وبين الصبار الذى يصبر فى اللَّه وللَّه وباللَّه لا يعجز ولا يتغير ولو وقعت عليه البلايا جميعا -المترجم].
(٤) [جاء فى الغنية أن السالمية كانوا يقولون إن للَّه سرا لو أظهره لبطل التدبير، وللأنبياء سرا لو أظهره اللَّه لبطلت النبوة، وللعلماء سرا لو أظهره لبطل العلم. ويلاحظ صاحب الغنية أن هذا يتنافى مع الحكمة الإلهية ومع التدبير الالهى -المترجم].