أما مدينة سامراء نفسها فكانت على الضفة الشرقية، وكان أهم شوارعها شارع السريجة الذى كان يمر بدار الشرطة وبالسجن، ويؤدى إلى الحى الذى سمى باسم الوزير الحسن بن سهل، ثم شارع أبى أحمد بن رشيد الذى يؤدى إلى قرية الإيتاخية القائمة على قناة كسروى، وقد سميت الإيتاخية أول الأمر نسبة إلى زعيم تركى، ثم أطلق عليها فيما بعد اسم المحمدية؛ وثمة خمسة شوارع أخرى سجل ذكرها التاريخ هى: الهير، وبرغمش تركى (وهو حى تركى) وصالح (وهو يؤدى إلى الثكنات الحربية أو العسكر) والهير الجديد، والخليج؛ ويذكر المؤرخون عدة تفصيلات عن العمائر ذات الشأن التى كانت فى جوار سامراء، وبدأوا ببعض العمائر التى كانت قائمة قبل أن تنقل قصبة الخلفاء إلى سامراء: الأديار المسيحية الثمانية التى كان أهمها دير الطواويس ودير مار مارى، ودير أبى السفرة. على أن القصور كانت أهم العمائر. فقد بنى المعتصم، وكان قد أقام أول الأمر فى سامراء نفسها، القصر المسمى بالجوسق. وشيد الخليفة الواثق القصر الذى سمى بالهارونى نسبة إليه. أما الخليفة المتوكل، وكان قد أقام أول الأمر فى الهارونى، فقد شَيّد أو وَسّع أربعة وعشرين قصرًا أخرى أشهرها بلكوارى، والعروس، والمختار، والوحيد؛ وكان يخطط قبل موته بتسعة أشهر مدينة جديدة إلى الشمال فيما بين كرخ فيروز ودور وكانت هذه المدينة تسمى الجعفرية نسبة إلى اسمه؛ ويقول المؤرخون الذين ذكروا الكثير من التفصيلات عن الترف فى قصور المتوكل إنه جاء من فارس بشجرة السرو التى كان يوقرها المزدكية فى كشمر ليصنع منها أخشاب قصوره؛ ويقول غير هؤلاء من المؤرخين الذين لاحظوا أنه لم يبق شئ من عمائر المتوكل الفخمة إن هذا الخراب العاجل إنما هو عقاب من اللَّه سبحانه وتعالى على ما أمر به المتوكل من تدمير قبر الحسين فى كربلاء عام ٢٣٦ هـ؛ ومات المتوكل، فنقل المنتصر بلاطه إلى سامرّاء نفسها مرة أخرى، ونزل فى قصر الجوسق؛ وكان المعتمد آخر خليفة