ولما كانت معرفة الإمام المختفى، وهو لا يعرفه إلا الخاصة، لابد منها فى نجاة الروح، فإن بث آراء الشيعة السبعية تصبح له أهمية كبرى، ولذلك يسمون "التعليمية". وإدخالهم للناس فى نحلتهم الباطنية يتم على سبع مراحل. ويذكر عبد القاهر بن طاهر منها:
١ - "التفرّس"، وهو أسلوب فى الدعوة أو هو يكاد يكون فنًا، يقوم على حذق منقطع النظير فى معرفة نفسية من يدعونه إلى مذهبهم لمعرفة حقيقة ما فى نفسه ومسايرته فى أسلوب حياته وطريقة تفكيره، ٢ - وبعد ذلك "تأنيس" المدعو، وذلك بتزيين مذهبه فى عينه واظهار أنه أعظم مما كان يظن حتى الآن ٣ - ويأتى بعد ذلك "التشكيك"، وذلك بسؤال المدعو عن معنى مذهبه وتشكيكه فى أصول دينه، وبعد مثل هذا الإرشاد الروحى القائم على الحكمة الإنسانية يكون الأوان قد آن لمرحلة جديدة؛ فإذا سأل المدعو عن الحقيقة قيل له: إن العلم الحق لا يوجد إلا عند الإمام وأصحابه، ٤ - وهذا هو "الربط"، ٥ - "والتعليق" لنفس المدعو حتى يطلب تأويل ذلك عند الإمام وذويه، ٦ - وفى مرحلة "التدليس" يبدأون بتأويل القرآن تأويلا يخرجه عن ظاهره ويفسد معالم كل ما جاء من النبوات والشرائع، ٧ - وعند ذلك يمكن أن يبدأ "التأسيس"، وهو مرحلة طويلة قائمة بذاتها فى نهايتها تكون، ٨ - "المواثيق بالإيمان والعهود" وفيها يقسم المدعو بالولاء التام للجماعة، وتنتهى الدعوة، ٩ - "بالخلع والسلخ"، أى الخروج التام عن كل دين وشريعة كانت له من قبل.
وقد عمد الشيعة السبعية إلى تأييد مذهبهم كله؛ من حيث صورته الخارجية، بآيات من القرآن. وقد سهل عليهم ذلك بسبب ما فى القرآن من كثرة الإرشارات الغامضة (١)، فمثلا يشنف المدعو أذنه إذا أوّل له الدعاة الآية القرآنية:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(سورة الحجر، آية ٩٩) قائلين إن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها، وإن اليقين فى الآية معناه معرفة التأويل. واستند الشيعة إلى الآيات التى
(١) لحقيقة أن كل الآيات التى يؤولها غلاة الشيعة واضحة وضوح الشمس، ولكنهم يصرفونها عن معناها الواضح إلى معان أخرى لا تمت إلى المعنى الأصلى بصلة. والأمثلة على تأويلهم موجود عند مؤرخى الفرق. . المترجم