ولم ترد كلمة سترة فى القرآن الكريم، وهى ترد كثيرًا بعبارة ستر (تستر أو استتر) بثوب فى الأحاديث الخاصة بالغسل الذى يعمد المرء فيه إلى إخفاء عورته بعباة أو ستر أو يتدارى بهما (انظر مثلا البخارى: كتاب الصيد: باب ١٤، كتاب الغسل، باب ٢١؛ مسلم: كتاب الحيض، حديث ٧٠؛ ٧٩، أبو داود: كتاب الطهارة باب ١٢٣؛ كتاب المناسك باب ٣٧) والسترة أيضا هو الستار الذى كان النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] يحجب به نساءه عن أنظار الناس (البخارى: كتاب المغازى، باب ٥٦، كتاب النكاح! باب ٦٧). وكذلك أخبرنا بان المرء يُصلى إلى شئ يستره من الناس حتى لا يقلقوه (انظر مثلا البخارى: كتاب الحج، باب ٥٣؛ مسلم، كتاب الصلاة حديث ٢٥٩؛ أبو داود، كتاب المناسك، باب ٥٢).
ويقال إن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كان لا يتقيد بشئ فى اختيار السترة. فكان يصلى إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل (البخارى، كتاب الصلاة، باب ٩٨) والسرير (البخارى: كتاب الصلاة، باب ١٩) والحربة (باب ٩٢) والعنزة (باب ٩٣) والأصطوانة (١)(باب ٩٥) وبين السوارى فى المسجد. وقد حفظت لنا الأحاديث أثرا لرأيين فى السترة، الأول يفصل أحكامها تفصيلا والآخر يعارض ذلك.
وقد حاول الرأى الأول أن يقرر على وجه الدقة المسافة التى يجب أن تكون بين السترة والمصلى (ممر الشاة، انظر البخارى: كتاب الصلاة، باب ٩١؛ مسلم: كتاب الصلاة، حديث ٢٦٣، ٢٦٤ وما بعده) وجاء فيه أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] يقول إنه لا يباح لأحد أن يمر بين المصلى وسترته (البخارى: كتاب الصلاة، باب ١٠٠، ١٠١؛ مسلم: كتاب الصلاة، حديث ٢٥٨، ٢٦٢ وما بعده) وأن المارّة، وخاصة الكلاب والحمر والنساء، تقطع الصلاة. قال رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-]"إذا صلى الرجل وليس بين يديه كآخرة الرحل أو كواسطة الرحل قطع صلاته الكلب الأسود والمرأة والحمار"(الترمذى: كتاب المواقيت، الباب ١٣٦؛ احمد بن حنبل، جـ ٢، ص ١٩٦).