الاقتدار كما يستدل من المدة القصيرة التى قضتها فى الحكم نائبة عن الخليفة. ولقد افترت عليها ألسنة السوء ورمتها فى شرفها بل اتهمتها بقتل أخيها الخليفة. وتذكر الرواية الشائعة أن الحاكم كان من عادته أثناء جولاته فى إرجاء الدولة أن يتلقى من رعاياه التماسات مكتوبة ينظر فيها فى أوقات فراغه. وقد بادر المصريون إلى انتهاز هذه الفرصة وأرسلوا إليه فى الخفاء أشعارا بذيئة ووشايات مشينة. وفى مرّة من هذه المرات تلقى وهو فى مصر ورقة تضمنت تهما مخزية فى حق أخته ست الملك غير المتزوجة وتقولات عن عبثها ومجونها. وما إن قرأ الخليفة ذلك حتى استشاط غضبا وحاصر المدينة، بل ذهب به الأمر إلى حد تهديد أخته بالقتل إذا لم يثبت طهارتها virgo intacta بالبرهان القاطع.
ويقال إن ست الملك، وقد رأت هذا الشطط من أخيها، تآمرت مع يوسف سيف الدولة بن دَوّاس من زعماء بربر كتامة، وزارته فى ليلة من الليالى بمفردها مستخفية، وبينت له الخطر الذى يتهددهما، وسلوك أخيها المنطوى على الحمق، وخروجه عن جادة الدين وطغيانه، وأن لا أمل لهما فى النجاة إلا إذا تخلصا منه وأجلسا ولده على العرش. ويقال إنها بذلت له الوعد بإقامته قائدا للجيش مع الإشراف التام على الخليفة الحدث إذا نجحت خطتهما، ووافق يوسف على ذلك. واستؤجر رجلان للقيام بهذا العمل. وفى ليلة ٢٧ من شوال عام ٤١١ (١٣ فبراير سنة ١٠٢١) انقض هذان الرجلان على الحاكم عندما كان منطلقا على حماره الأشهب. . . قاصدا العزلة فى جبل المقطم. . . ثم قتلاه ونقلت جثته المشوهة بعد ذلك سرا إلى ست الملك حيث دفنت فى رحاب قصرها. وما إن ذاع النبأ حتى تنكرت لابن دوّاس وللرجلين ورمتهما بقتل الحاكم فقتلوا لتوهم (de Expose de la Religion des Druzes: Sacy جـ ١، ص ٤١٣، التعليق).
ومهما يكن من شئ فإن هذه هى الرواية الشائعة عن الجريمة، غير أن القصة الحقيقية هى فيما يظهر ما رواه المقريزى (الخطط، جـ ١ ص ٣٥٤)،