للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النظريات ويظهر الخلاف بين السحر والدين: فما أصل هذه الأرواح وطبيعتها؟ وكيف تختلف فيما بينها؟ وما المقصود باستقلالها فى العمل؟ وكيف نستطيع الوصول إليها والهيمنة عليها؟ وهل يؤثر اتصالنا بها على هذا النحو فى علاقتنا باللَّه سبحان وتعالى ويعرض للخطر خلاصنا الأبدى؟ ذلك أن كل شئ فى الإسلام، يدور حول اللَّه سبحانه وتعالى وعلاقتنا به.

وهكذا نجد أن عالم الأرواح فى جزيرة العرب [قديمًا] كان يتألف بصرف النظر عن الآثار المسيحية واليهودية التى فى هذا الدين، من اللَّه ومن الآلهة القبلية والجن وكان الكهان والسحرة والعرافون والشعراء والمجذوبون صلة الوصل بين الناس وبين هذا العالم. والنظرية بالنسبة لهؤلاء الناس هى أن أرواحا من أجناس شتى "تلابسهم" ملابسة تامة بالمعنى الذى يدل عليه مصطلح "الملابسة" فى مذهب الأرواح Spiritism عند المحدثين. ومن ثم فإن كلمة Magic فى اللغة الإنكليزية من حيث هى مصطلح فى الأدب الشعبى أوسع مدلولا بشكل ظاهر من الكلمة العربية "سحر" إذا استعملت هذه الكلمة بمعناها الأخص. على أن مقتضيات الوضوح بالنسبة لوقائع هذه الحالة تتطلب منا أن نأخذ كلمة سحر بمعناها الأعم، وكثيرًا ما نحا الإسلام هذا النحو بوجه عام. وقد نقل مرتضى الزبيدى فى شرحه للإحياء (جـ ١ ص ٢١٧ فى أسفلها) عن تاج الدين السبكى أنه قال "السحر والكهانة والتنجيم والسيمياء كلها من نفس الوادى" ثم أن الإسلام فى انتشاره خارج جزيرة العرب قد اتصل بشتى الشعوب والبلاد التى فتحها وعرف معتقدات هذه الشعوب والبلاد فيما يتصل بخوارق الطبيعة وفنون السحر والطقوس الدينية. وامتزج كل هذا بالتصورات والمصطلحات القرآنية والعربية، ونشأ من ذلك خليط متنافر أشد التنافر من حيث مفردات اللغة والطقوس الدينية ونظرات المسلمين بل تفكيرهم فى أصول الأشياء. وقد اعترف المسلمون أنفسهم بهذه الحقيقة، وردوا كما سنبين بعد، أنواع السحر