للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقين وإيمان إن الإشارة فيهما إلى أن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أتى أمورًا خارقة للعادة؛ على أن اتجاه القرآن جميعًا، بل اتجاه الآيتين يدلنا على أن الإشارة إلى الوحى الذى ظن المكيون أنه حاصل من السحر. ويزعم المكيون بحسب الآية الخامسة من سورة الأنبياء أن الوحى هو أضغاث أحلام، زد على ذلك أن ثمة آية فى القرآن تدل على أن الوحى كان فى بعض الأحيان يأتى فيما نسميه نحن الآن "الكلام التلقائى". وقد نُهِىَ النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى الآية ١١٤ من سورة طه، والآية ١٦ من سورة القيامة عن تحريك لسانه بالوحى ليعجل به. أى أنه أُمر بأن يستمع له وينصت فإذا انطلق قرأه النبى عليه الصلاة والسلام (انظر صحيح البخارى، جـ ٩، ص ١٥٢ وما بعدها، طبعة بولاق ١٣١٥ هـ: كتاب التوحيد) وفى الآية ١٠١ من سورة المائدة حذر الحاضرون والمستمعون للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] حين ينزل عليه الوحى أن يسألوه فجأة عن أشياء، ويمكن القارئ أن يرجع إلى جملة أحاديث بهذا المعنى فى تفسير الطبرى (جـ ٧، ص ٤٨ - ٥٢) البيضاوى (جـ ١، ص ٢٧٥ فى اعلاها إلى ص ٢٧٦، س ١١) ومن الواضح أن المفسرين من أهل الكلام كالزمخشرى والرازى يكرهون التعرض لهذا الموضوع أما عن الكلام التلقائى فى الإسلام على عهده المتأخر فقد سلم الإسلام تسليما كاملا بهذه الظاهرة ووصفها.

ويتضح لنا من ذلك أن فهم هذه الآيات القرآنية يقتضينا أن نجمع بين المعنى الظاهر لنص القرآن الكريم وما نعرفه عن علم النفس الذى يبحث فى الخوارق. وهذه الظاهرة التى أسلفنا بيانها يمكن أن يتحقق منها فى كثير من الأحيان أى فرد له صلة بحالة من تلك الحالات الكثيرة الشيوع، ونعنى بها حالة "التلقائية" و"الكتابة التلقائية"، ويصدق ذلك تماما على "الكلام التلقائى" وهو أندر هذه الحالات وقوعًا. على أن المفسرين القدماء ميزوا بوضوح بقدر الإمكان بين هذه الظاهرة فيما يتعلق بالنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] والظواهر