شئ عن سير السحرة وكتبهم كما وجدها، فإن الغزالى المتوفى سنة ٥٠٥ هـ (١١١١ م) لم يخامره مثل هذا الشك، ذلك أن عالم الأرواح كان فى نظره حقيقة لا ريب فيها. وهو قد دخل فى كتابه الإحياء فى تفصيلات مسهبة عن الجن والشياطين وأفعالها (Religious Attitude in Islam: Macdonald ص ٢٧٤ وما بعدها) والغزالى فى كتابه المنقذ من الضلال (طبعة القاهرة ١٣٠٣ هـ، ص ٤٦) يذكر المربع السحرى "بدوح" قائلا أن له خواص مجربة، ومن ثم عرف هذا المربع باسمه، وكتب أيضًا فى تفسير الرؤيا (التحبير فى علم التعبير، حلب، مطبعة البهاء، ١٣٢٨ هـ، فى ٣٠ صفحة) وقرر القزوينى فى كتابه "آثار البلاد"(طبعة فستنفلد، ص ٢٧٢) أنه -أى الغزالى- أفاد من كحال مشهور هو الطبسى المتوفى سنة ٨٤٢ هـ (١٠٨٩ م؛ Geschichte der arab Litt, جـ ١، ص ٤٩٦) وذلك فى استحضار الجن، وأنه رآها كالأشباح على الحائط، فلما أراد أن يتحدث معها أجابه الطبسى أن قدرته تقف عند هذا الحد (انظر أيضًا عن هذه الناحية فى الغزالى وتطورها فى الأساطير مقدمة كولدسيهر لكتابة عن ابن تومرت Livre d'lbn touert: الجزائر ١٩٠٣ م، ص ١٥ وما بعدها). وهذا معناه أن فلسفة الغزالى القائمة على المذهب العملى Pragmatism قد أدت به إلى تصديق كل للك الأعمال المؤثرة فى الطبيعة وفى الإنسان لأنه وجد شواهد صحيحة عليها. وقد كان للمربع المعروف باسم "بدوح" أثره، ومن ثم سلم به وبجميع ما يتضمنه. ذلك أن العالم ملئ بالخفايا، وهذا المربع كان جزءًا منها على أنه بوصف كونه فيلسوفًا اخلاقيا لم يجد بدأ من النظر فيمن يزاولون السحر وفى تصنيفهم أنواعا، وقد فعل ذلك مبكرًا فى كتابه الإحياء (طبعة القاهرة ١٣٣٤ هـ، جـ ١، ص ١٥) ٢٦؛ والطبعة التى عليها شرح مرتضى الزبيدى المتوفى سنة ١٢٠٥ الموافقة ١٧٩١ م، جـ ١، ص ١٤٦، ٢١٦ وما بعدها) ففى صفحة ١٥ من هذا الكتاب يتناول الغزالى