للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عهد أقدم قرونا مما يستطيع نسابة العرب أن يتصورا، كما أن كتب الأنساب أمعنت فى الأساطير عند تناولها هذه القبيلة إمعانًا فاق ما عهدناه فى كلامها عن غيرها من القبائل؛ وكل ما نستطيع أن نفيده منها هو معرفة أى من العشائر أحست بوجود نسب يربطها بتميم قبيل ظهور الإسلام أو بعيده. وقد قال الشاعر الأخطل "فى كل واد سعد" وهو يشير بذلك إلى تفرقهم فى واسع الأرض. وليس من العشائر الكثيرة التى ذكرها النسابة من يستطيع أن يدعى خلوص نسبته إلى تميم إلا بنو كعب وبنو الحارث، أما سلالة الأبناء الآخرين وهم عبد شمس وعوف وعوافة ومالك فكانوا يعرفون باسم "الأبناء". وثمة شكوك حول خلوص نسبهم، ذلك أنهم كانوا قد استقروا فى البحرين واختلطوا اختلاطا شديدا بالسكان الفرس عندما كانت هذه الولاية تحت الحكم الفارسى؛ ولعلهم كانوا من حيث العدد أكبر القبائل العربية، ومن ثم كان لهم شأن عظيم فى الحروب التى دارت قبيل ظهور الإسلام وفى فتوح الإسلام، كما أن كثيرا من الأشخاص الذين ورد ذكرهم فى عهود الإسلام الأولى كانوا ينتمون إلى عشائر سعد الفزر المختلفة. وقد ظاهروا عليا فى الصراع الذى دار حول الخلافة، وعلا شأنهم علوًا عظيمًا إبان الفتن والاضطرابات التى سادت خراسان فى عهد خلفاء بنى أمية المتأخرين، ويظهر أنهم كانوا قد استقروا بفارس فى جموع غفيرة، وهاجر فريق آخر منهم إلى شمالى إفريقية وقد زعم أمراء إفريقية من بنى الأغلب أنهم ينتسبون إليهم.

ولا يمكننا أن نحصى فى هذا المقام بطون سعد الفزر وفروعهم الكثيرة، ولكن يجب ألا يفوتنا أن نذكر أن النسابة اختلفوا فى بيان أنساب هذه الفروع التعددة، كما أن أسماءها قد اختفت مبكرًا من صفحات التاريخ وانطوت تحت الاسم العام وهو تميم.

ويجدر بنا أيضًا أن ننوه بشأن قبيلة سعد الفزر والعشائر الوثيقة النسب بها من حيث أنهم كانوا يتحدثون بلهجة هى عماد العربية الفصحى، وشاهد ذلك أن فقهاء اللغة الأولين صاغوا قواعد