للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دينية وفى إتمام قصائده وترتيبها، والاثنتى عشرة سنة الأخيرة فى تزويد عابرى السبيل بالطعام والشراب وفى الحديث عن الصوفية. وقد زار فى خلال رحلاته آسية الصغرى والهند، وامتشق الحسام فى كلا البلدين عندما نادى المنادى بالجهاد فى سبيل اللَّه. وهو يقول عن نفسه:

لقد أبعدت الرحلة فجبت أطراف الأرض، وخالطت الرجال على تباين طبقاتهم ومشاربهم، ووجدت فى كل ركن من أركان الأرض متعة ومنفعة، وأصبت من كل حصاد حزمة.

ودعا الأمير الشهيد محمد خان، والى ملتان من قبل أبيه غياث الدين بلبن، الشاعر سعدى لزيارة الهند مرة أخرى، وكان ذلك حوالى أواخر القرن الثالث عشر، ولم يحل بين الشاعر وبين استئنافه رحلاته إلا فى تقدمه السن. وقد رويت الروايات الكثيرة عن ملاحة نكتته، فقد صادفه ذات يوم فى أحد الحمامات العامة خواجه همام الدين، وهو ثرى من أهل تبريز كان هو نفسه شاعرا، فسأله من أين هو قادم، فأجاب سعدى بقوله: من "شيراز"، فقال خواجه "من العجيب أن يكون عدد الشيرازيين أكثر من الكلاب فى تبريز" فرد سعدى قائلا "ليست الحال كذلك فى شيراز فإن التبريزيين فيها أقل من الكلاب"، وغادر خواجه الحمام ولكنه عاد فقابل سعدى فى الطريق فسأله: "هل يتلون أشعار همام فى شيراز؟ "، فأجابه سعدى، وهو ينظر إلى الشاب الوسيم الذى كان يروح على خواجه، قائلا: "أجل، وبخاصة هذا البيت:

"يقف همام بينى وبين حبيبتى كأنه الحجاب وقد آن لى أن أزيح هذا الحجاب" وقد فضحته ملاحة نكتته، فهتف خواجه قائلًا: "أنت سعدى" فأجاب سعدى قائلا "نعم، فاغتبط خواجه وطلب منه الصفح، ثم أخذه إلى داره وأولم له وليمة فاخرة.

وتوفى سعدى بشيراز سنة ١٢٩٢ بعد أن بلغ من العمر عتيًا، فقد عاش ١٠٢ سنة قمرية أو ما يقرب من ٩٩ سنة شمسية، ودفن فى أرباض هذه المدينة.