بالكثير من ذكريات المؤلف الشخصية. وقد حاول ماسيه Masse فى رسالته عن سعدى أن يبنى سيرة الشاعر على أساس هذه المعلومات، ولكنه بالغ على ما يظهر فى الوثوق بصدق سعدى، وكان الشك قد تسرب من قبل إلى صحة الكثير من هذه القصص (Barbier Ruckert;de Meynard)، بل إن سعدى نفسه يسلم بأن من طوف فى العالم كثيرا، قد يكذب كثيرًا ونحن إذا لم نكذب المؤلف على طول الخط جاز لنا أن نخرج من قصصه بأنه فقد أباه فى سن مبكرة. على أنه كان قد بلغ سنا تمكنه من أن يذكر بعض دروس أبيه الحكيمة. وتبدو الحكاية التى فى كلستان عن زيارة الشاعر لكاشغر، وكان لا يزال حدثا طرى العود، مستبعدة، ومن ثم حيرت الكثيرين من المستشرقين، ولا شك أن أيسر السبل هو أن نعتبر الحكاية كلها من نسج الخيال (انظر Schaeder فى Der Islam، جـ ١٤، ص ١٨٧). وما من ريب فى أن إقامة سعدى فى بلاد الشام أسيرا فى يد الفرنجة بطرابلس كانت أيضًا فى صدر حياته (ويقول ماسيه Masse إن حصار تلك المدينة كان سنة ١٢٢١) وقد تزوج سعدى خلال إقامته هذه بابنة صديق كان له بمثابة الأب فخلصه من رقة، إلا أن زواجه لم يدم، ويتعذر علينا أن نقتفى أثره فى تلك المرحلة من حياته التى قام فيها برحلاته الطويلة (١٢٢٦ - ١٢٥٥)، ولعل من الراجح أنه زار آسية الوسطى والهند والشام ومصر وبلاد العرب (وتروى كثير من القصص مغامراته فى الصحراء فى ذهابه إلى مكة وفى عودته منها) والحبشة ومراكش. ويزعم سعدى أنه فى رحلته إلى الهند غامر المغامرة المشهورة فى ذلك المعبد الذى فى سُمَنات، حيث كشف حيلة الكاهن فى خداع الناس، ثم قتله حتى يتجنب انتقامه، وفى هذه القصة أيضًا أشياء تعد فى ذاتها من المستحيلات (بوستان طبعة Graf، ص ٣٨٨ وما بعدها)، وكذلك يرد الزواج الثانى لسعدى الذى وقع فى اليمن إلى هذه المرحلة الثانية. وكان فى المرحلة الأخيرة من حياته على ما يستدل من "القصائد" على علاقة بالأتابك أبى بكر بن سعد بن زنكى، وقد نظم مرثية فى وفاته